حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فجمع عند الزوال من الظهر وأظهر ذلك".
فهذا صريح في أنهم إنما أقاموها بعد فرضها وأن ذلك بإذن منه صلى الله عليه وسلم.
وسنده لا بأس به، وصرح الخطيب بأنه لم يكتبه إلا من هذا الوجه، ولهذا قال ابن كثير: إنه غريب.
قلت: وأعله بعض الفقهاء بما رواه أبو عروبة الحراني في "الأوائل" من حديث ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال: بلغنا أن أول ما جمعت الجمعة بالمدينة قبل أن يقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع بالمسلمين مصعب بن عمير بن عبد مناف.
ولا يعل حديث مالك بهذا خصوصًا وهو واصل وقد روى أبو عروبة أيضًا من حديث ابن وهب أيضًا فقال عن ابن جريج عن سليمان بن موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى مصعب يأمره بذلك. وابن موسى تابعي، فيه مقال.
ولحديث ابن عباس شاهد عند الطبراني في الأوسط من حديث العباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا عبد الغفار بن عبيد الله الكزبري عن صالح بن أبي الأخضر أنه حدثهم عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري قال: "أول ما قدم من المهاجرين المدينة مصعب بن عمير، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة جمعهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم".
وقال عقبه: لم يروه عن الزهري إلا صالح، ولا عنه إلا عبد الغفار، تفرد به عباس. انتهى.