للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء على العلم، بل على الصيت والذكر" (١).

ويتولد من داء الحسد، الكثير من آفات القلوب المدمرة للنفس البشرية، مثل العداوة والبغضاء والحقد والغضب والكبر والتعجب والخوت من فوت المقاصد الدنيوية المحبوبة وحب الرياسة وخبث النفس وبخلها.

معالجة الحسد:

وحتى لا يتمكن هذا المرض الخبيث في النفس البشرية، لابد من علاجه حتى لا يضر دينه ودنياه، فأما ضرر الدين فيكمن في سخطه على قضاء الله وقدره وكراهيته لما رزق غيره من نعم مختلفة، وقد جسَّد ابن الجوزي داء الحسد ووصف دواءه وهو يقول: "أن يعلم الإِنسان أولًا أن الأقدار السابقة لابد أن تجري، وأن الاحتيال في صرف المقدور غير ممكن، وأن القسَّام حكيم، ثم هو مالك، يعطي ويحرم، فهو الذي خلق الطَّرف السابق (٢) والكودن (٣). وكأن الحاسد مضاد لإرادة المعطي سبحانه" (٤).

فإذا أدرك الحاسد ذلك سلم دينه وإيمانه بالقدر خيره وشره وسلم من سخط الله تعالى.

أما ضرر الدنيا فيكمن في ألم الحاسد وما ينتابه من غمّ وهمّ وضيق دائم على ما أنعم الله به على غيره -وهو في مكانه- فحسده لم يُزل النعم ولم يحصل هو عليها، فما جنى إلا حرمانًا من متع الدنيا قليلها وكثيرها, وعلاج هذا يبيّنه ابن الجوزي بقوله: "ينبغي للحاسد أن


(١) المرجع السابق، ص ١٠٥.
(٢) معنى الطَّرْف السابق: والطِّرْف، بالكسر من الخيل: الكريم العتيق، وقيل هو: الطويل القوائم والعنق المطرف الأذنين". مرجع سابق، ابن منظور. لسان العرب. المجلد التاسع، ص ٢١٤.
(٣) معنى الكودن: "والكودن والكودني: البرذون الهجين، وقيل: هو البغل. ويقال للبرذون الثقيل: كودن، تشبيهًا بالبغل". مرجع سابق، ابن منظور. لسان العرب. المجلد الثالث عشر، ص ٣٥٦.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٥.

<<  <   >  >>