للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محبوب أو فوت مطلوب، وسببه الحرص على القنيات الجسمانية، والشره إلى الشهوات البدنية، والحسرة على ما يفقده أو يفوته منها" (١).

وقد عرفه ابن قيم الجوزية: "بأنه انخلاع عن السرور، وملازمة الكآبة لتأسف عن فائت أو توجّع لممتنع" (٢).

والحزن من الأمور الطبيعية التي تصيب الإنسان في حياته اليومية، والإنسان منهي عن الحزن الشديد، الذي يقعده عن العمل وأداء الطاعات، قال الله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (٣)، وهذا الحزن يضعف القلب ويوهن الإرادة والعزيمة، لذلك استعاذ منه رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من الهمِّ والحزَنِ، والعَجْزِ والكَسلِ، والبخل والجبن وضَلَع الدينِ وغَلَبَةِ الرجالِ" (٤). ومن دواعي الفرح لأهل الجنة أن الله -عز وجل- أذهَب عنهم الحزن، فلذلك يدعون قائلين: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} (٥).

وقد اعتبره ابن قيم الجوزية مرضًا من أمراض القلب "التي تمنعه من نهوضه وسيره وتشميره، والثواب عليه ثواب المصائب التي يبتلى العبد بها بغير اختياره، كالمرض والألم ونحوهما" (٦).

أما الحزن المحمود فهو الذي يحرك الهمة للعمل الصالح، ويوقظ القلب الغافل، وهذا الذي قال فيه ابن الجوزي: "إن العاقل لا يخلو من


(١) ابن مسكويه، أبو علي، أحمد بن محمد بن يعقوب، الرازي. تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق. (قدم له) تميم، حسن، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، "منقحة"، دون تاريخ، ص ١٨٠ - ١٨١.
(٢) ابن قيم، الجوزية، الدمشقي، أبو عبد الله، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعيد، الزرعي. طريق الهجرتين وباب السعادتين. بيروت، دار الكتاب العربي، دون طبعة وتاريخ، ص ٣٥٨.
(٣) سورة المجادلة، الآية ١٠.
(٤) مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. الجزء التاسع، ص ٥٥٤، كتاب الأطعمة، باب الحيس، حديث رقم ٥٤٢٥.
(٥) سورة فاطر، الآية ٣٤.
(٦) مرجع سابق، ابن قيم الجوزية. طريق الهجرتين وباب السعادتين. ص ٣٦٠.

<<  <   >  >>