للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمفرحات" (١)، والمقصود بالمفرحات، كل ما يجلب الفرح والسرور، والهدوء والاطمئنان في نفس المكتئب حتى يعيش مسرورًا متفائلًا مقبلًا على الحياة.

٦ - النهي عن الإفراط في الغم أو السرور:

وقد حذَّر ابن الجوزي من الإفراط في الغم أو السرور، بسبب ضررهما على النفس البشرية فقال: "والغم يجمد الدم، والسرور يلهب الدم حتى تعلو حرارته الغريزية، وهما جميعًا يضرّان، وربما قتلا إن لم يعجل تفتيرهما" (٢).

لذلك استعاذ رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - من الغمِّ والهمِّ، ونهى عن كثرة الضحك، وكان أكثر ضحكه - صلى الله عليه وسلم - تبسمًا, كذلك أمر الله تعالى بالاعتدال في الهم والسرور لقوله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (٣).

٦ - حقيقة انفعال الفرح وعلاجه

يشعر الإنسان بانفعال الفرح أو السرور، إذا حصل على ما يحب من مالٍ أو جاهٍ أو نفوذٍ أو علمٍ أو إيمانٍ أو تقوى.

وعلى ذلك فالفرح أمر نسبي يتوقف على هدف الإنسان في الحياة، فإذا كان يحب المال فإنه يفرح بعد جمعه، وإن كان يحب الجاه والسلطان وفاز به، كان هذا سببًا لفرحه وسروره، وإن كان يحب أن يكون مؤمنًا تقيًّا، فإنه يجد السعادة والسرور في تمسكه بدينه ومرضاة ربه .. وهكذا.

حقيقة الفرح:

ولمزيد من الدقة نذكر أن الفرح في اللغة: "نقيض الحزن، وقال ثعلب: هو أن يجد في قلبه خفةً" (٤). والفرح قد يكون مذمومًا وقد


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٢١.
(٢) المرجع السابق، ص ١٢١.
(٣) سورة الحديد، الآيتان ٢٢ - ٢٣.
(٤) مرجع سابق، ابن منظور. لسان العرب. المجلد الثاني، ص ٥٤١.

<<  <   >  >>