للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يكون الفرِح إلا من فضل الله ورحمته، لقوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (١).

علاج الفرح الضار:

يمكن تلخيص أهم معالجات ابن الجوزي للفرح الضارّ في الأمور الآتية:

١ - أسلوب التدرج عند الأخذ بأسباب الفرح:

بيَّن ابن الجوزي أنه لابد من التدرج في الأخذ بأسباب الفرح حتى لا يتأذَّى الإنسان، لأن المبدأ الإسلامي مبني على ذلك، وعلى اجتناب الإفراط أو التفريط في جميع أمورنا ومنها الانفعالات، وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "وينبغي للإنسان إذا رأى أسباب الفرح أن يدرج نفسه إليه، فإن يوسف -عليه السلام- لما التقى بأخيه سأله هل لك من أبٍ؟ ولم يزل يلاطفه لئلا يفجأه بالسبب المفرِح، والفرح ينبغي أن يكون بمقدار ليعدل الحزن، فإذا ما أفرط فإنه دليل على الغفلة القوية، إذ لا وجه للفرح عند العاقل، فإنما يفرح بالطبع لما يُفرِحُ، ثم يذكر مصيره وخوف مآله، فينمحي ذلك الفرح، ومتى قويت غفلة الفرح حملت إلى الأشر والبطر، ومن هذا قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} (٢). يعني: الأشرين الذين خرجوا بالفرح إلى البطر" (٣).

٢ - التفكر في الذنوب ومصير الإنسان يخفف من الفرح الضارّ:

وحتى لا يصل الإنسان بفرحه إلى مرحلة البطش والتجبر، عليه أن يضبط انفعاله ويتفكر فيها مضى من ذنوبه ومعاصيه، وما سيواجهه من مصاعب وشدائد، فيكون ذلك سببًا في حزنه بدلًا من فرحه الشديد الذي قد يطغيه، وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "وعلاج شدة الفرح بالفكر فيما قد سلف من الذنوب، وفيما سيأتيه من الشدائد" (٤).


(١) سورة يونس، الآية ٥٨.
(٢) سورة القصص، الآية ٧٦.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٢٥ - ١٢٦.
(٤) المرجع السابق، ص ١٢٦.

<<  <   >  >>