للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استشهد ابن الجوزي بحديثين للرسول - صلى الله عليه وسلم - قال فيهما: "إذا مرَّ بالنطفةِ ثنتان وأربعون ليلةً، بعث الله إليها ملكًا. فصَورها وخلقَ سمعَها وبصرَها وجلدَها ولحَمها وعظامَها. ثم قال: يا رب! أذكرٌ أم أنثى. فيقضي ربُك ما شاء. ويكتبُ الملك. ثم يقول: يا رب! أجلُه فيقول ربُك ما شاء. ويكتبُ الملكُ. ثم يقول: يا رب! رزقُه. فيقضي ربُك ما شاء. ويكتبُ الملك، ثم يخرجُ الملكُ بالصحيفةِ في يدهِ. فلا يزيدُ على ما أُمر ولا ينقص" (١). وقوله - صلى الله عليه وسلم - في نفخ الروح: "إن أحدَكم يجمع خلقُه في بطنِ أمه أربعين يومًا نطفةً، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكونُ في ذلك مضغةً مثل ذلك، ثم يُرسل الملكُ فينفخُ فيه الروحَ. ويؤمرُ بأربع كلماتِ: بكتب رزقهِ، وأجلهِ، وعملهِ، وشقي أو سعيدُ. فوالذي لا إلهَ غيرهُ إن أحَدكَم ليعملُ بعمل أهل الجنةِ حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراعٌ فيسبق عليه الكتاب. فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار. حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع. فيسبق عليه الكتاب فيعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ فيدخلَها" (٢).

وقد ناقش د. شرف القضاة مسألة نفخ الروح في الجنين مستدلًا بالحديثين نفسهما اللذين استشهد بهما ابن الجوزي وبغيرهما من خلال:

١ - ترجيح أحاديث الروح ومحاولة التوفيق بينها ثم ربطها بالطب فقال: "لاحظ العلماء وجود تعارض بين حديث ابن مسعود كما رواه البخاري وغيره (الحديث الثاني الذي استشهد به ابن الجوزي)، وبين الحديث ذاته كما رواه مسلم، وروايات حديث حذيفة وحديث جابر. (الحديث الأول الذي استشهد به ابن الجوزي هو حديث حذيفة).

فظاهر الحديث الثاني يبين أن نفخ الروح وكتابة قدر الإنسان يكون بعد الأربعين الثالثة، أي في بداية الشهر الخامس، في حين أن الأحاديث


(١) مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الرابع، ص ٢٠٣٧، كتاب القدر، باب كيفية الخلق الآدمي، في بطن أمه، وكتابة رزقه وأجله وعمله، وشقاوته وسعادته، حديث رقم ٢٦٤٥.
(٢) المرجع السابق، الجزء الرابع، ص ٢٠٣٦، كتاب القدر، الباب نفسه، حديث رقم ٢٦٤٣.

<<  <   >  >>