للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أسلوب التربية بالقدوة:

يعتبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو القدوة الحقيقية للمسلمين، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (١). وقال ابن الجوزي: "وأنفع العلوم النظر فى سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه" (٢) واقتبس هنا قول الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (٣).

وبما أن النفوس البشرية جُبلت على حب الصالحين والاقتداء بهم، فقد بين ابن الجوزي التأثير الفعلي للقدوة في النفس، فقال: "لقيت مشايخ، أحوالهم مختلفة يتفاوتون في مقاديرهم في العلم. وكان أنفعهم لي في صحبته العامل منهم بعلمه، وإن كان غيره أعلم منه" (٤). وقوله أيضًا: "الاستدلال بالفعل أقوى من الاستدلال بالقول، فإن الطبيب إذا أمر بالحمية ثم خَلط لم يُلتفَت إلى قوله" (٥). وقد كان رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - قدوة أصحابه فقد كانوا "يرونه -وهو بشر منهم- تتمثل فيه هذه الصفات كلها وهذه الطاقات فيصدقون هذه المبادئ الحية، لأنهم يرونها رأي العين ولا يقرأونها في كتاب! ويرونها في بشر، فتتحرك لها نفوسهم وتهفو لها مشاعرهم. ويحاولونَ أن يقبسوا قبسات من الرسول .. كل بقدر ما يطيق أن يقبس، وكل بقدر ما يحتمل كيانه الصعود. لا ييأسون ولا ينصرفون .. ولا يدعونه حلمًا مترفًا لذيذًا يطوف بالأفهام .. لأنهم يرونه واقعًا يتحرك في واقع الأرض. ويرونه سلوكًا عمليًا لا أماني في الخيال" (٦).

كذلك وضح ابن الجوزي أهمية القدوة في حياة المسلم، ودورها في المحافظة على سلوكه القويم أمام الآخرين، حتى يحصل التأثير


(١) سورة الأحزاب، الآية ٢١.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٦٦.
(٣) سورة الأنعام، الآية ٩٠.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ١٣٤.
(٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. التبصرة. (تحقيق) عبد الواحد، د. مصطفى، الجزء الثاني، ص ٢٠٤.
(٦) مرجح سابق، قطب، محمد. منهج التربية الإسلامية. الجزء الأول، ص ٢٢٥.

<<  <   >  >>