للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلوب، وفي ذلك يقول: "وحاسب نفسك عند كل نظرة وكلمة وخطوة، فإنك مسؤول عن ذلك، وعلى قدر انتفاعك بالعلم ينتفع السامعون، ومتى لم يعمل الواعظ بعلمه زلت موعظته عن القلوب، كما يزل الماء عن الحجر" (١).

٢ - أسلوب الثواب والعقاب:

كان لابن الجوزي اهتمام بأسلوب الثواب والعقاب عند تعلم الطفل السلوكيات المرغوبة، وحتى يأتي هذا الأسلوب التربوي بالهدف منه في غرس القيم وتعديل السلوك، بطريقةٍ إيجابيةٍ مثمرة، نصح ابن الجوزي المربي الذي اعتبره كالطبيب، أن يكون عالمًا بطبيعة الطفل من كل الجوانب، والأسلوب المناسب الذي يصلحه، فقال: "وأعلم أن الطبيب ينظر إلى سن المعالج ومكانه وزمانه، ثم يصف، فكذلك ينبغي أن تكون رياضة كل شخص على قدر حاله" (٢)، لأن الأطفال -كما سيوضح الفكرة الأستاذ محمد قطب- يتفاوتون في الأسلوب الذي يصلحهم، "فمنهم من تكفيه الإشارة البعيدة فيرتجف قلبه ويهتز وجدانه، ويعدل عما هو مقدم عليه من انحراف، ومنهم من لا يردعه إلا الغضب الجاهر الصريح. ومنهم من يكفيه التهديد بعذاب مؤجل التنفيذ. ومنهم من لابد من تقريب العصا منه حتى يراها على مقربة منه. ومنهم بعد ذلك فريق لابد أن يحس لذع العقوبة على جسمه لكي يستقيم" (٣).

لذلك لابد من المعرفة الدقيقة لطبيعة نفسية الطفل، حتى يسهل استخدام الأسلوب المناسب معه عند ثوابه أو عقابه.

وقد حثَّ ابن الجوزي على البدء بأسلوب الثواب، فقال: "وينبغي أن يتلطف بالصبي، قال رجل لسفيان الثوري: نضرب أولادنا على الصلاة؟ قال: بشرهم" (٤). وذلك لأن أسلوب الثواب أقوى وأبقى أثرًا


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. ص ٥٩.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٣.
(٣) مرجع سابق، قطب، محمد. منهج التربية الإسلامية. الجزء الأول، ص ٢٣٦.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٣.

<<  <   >  >>