للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في نفس الطفل، لتشجيعه على السلوك المرغوب، من العقاب الذي يسبب للطفل الألم والإحباط. ثم ينوع المربي بين الثواب والعقاب للطفل حسب حالته والموقف الذي يمر به، وما بين الأطفال من فروق فردية، قال ابن الجوزي في ذلك: "إن الرياضة للنفس تكون بالتلطف والتنقل من حال إلى حالٍ، ولا ينبغي أن يؤخذ أولًا بالعنف، ولكن بالتلطف ثم يمزج الرغبة بالرهبة" (١).

ثم يحدد ابن الجوزي الخطوات المتبعة لتقويم سلوك الطفل، فيوصي أولًا: إذا أخطأ الطفل ثم اجتهد في إخفاء خطئه عن الناس خوفًا من العقاب أو حياء من الخطأ، فعلى المربي أن يتغافل عن إساءته، ولا يظهر معرفته لذلك؛ لأن الطفل أدرك من خوفه وحيائه الخطأ الذي وقع فيه، فهذا خير مهذب له وواقٍ من تكرار الخطأ، قال ابن الجوزي في ذلك: "فإن أساء تغافل عن إساءته، ولا يهتك مؤدبه ما بينه وبينه من الستر ولا يوبخ إلا سرًا" (٢). فإذا عاد الطفل مرةً أخرى لارتكاب الخطأ نفسه، فعلى المربي أن يوبخه ويلومه سرًا، حتى لا يشعر بامتهان كرامته أمام الآخرين. فإذا أقلع عن الخطأ فقد نفعته الموعظة، وإن لم تنفعه وعاد إلى إساءته، وتمكنت فيه الخصال القبيحة، فيصعب التخلص منها، شدد في عقابه حتى يتركها، فإن لم يجدِ معه هذا الأسلوب المعنوي، يلجأ المربي إلى آخر العلاج، وهو الضرب الذي يؤدي إلى صلاحه. قال ابن الجوزي: "فإذا علقت به عادة خبيثة بُولغ في ردعه عنها قبل أن تتمكن. ولا بأس بضربه إذا لم ينفع اللطف" (٣). والضرب الذي ينصح به ابن الجوزي هو من النوع الذي لا يشوه ولا يجرح ولا يؤذي الطفل إيذاءً شديدًا في بدنه أو عقله، وقد دلل ابن الجوزي على دور الضرب المؤدي للصلاح وتعديل السلوك بقول لقمان لابنه: "يا بني ضرب الوالد للولد مثل السماد للزرع" (٤). ولكنه لم يحدد مواصفات الضرب وأنواعه. كما أوصى ابن الجوزي بمعاملة الأطفال المتميزين


(١) المرجع السابق، ص ١٣٢.
(٢) المرجع السابق، ص ١٣٤.
(٣) المرجع السابق، ص ١٣٤.
(٤) المرجع السابق، ص ١٣٤.

<<  <   >  >>