للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفقه في الاصطلاح الشرعي: "هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية، أو هو مجموعة الأحكام الشرعية العملية المستفادة من أدلتها التفصيلية" (١). كذلك يرى ابن الجوزي أن "أعظم دليل على فضيلة الشيء النظر إلى ثمرته، ومن تأمل ثمرة الفقه، علم أنه أفضل العلوم" (٢). وثمرة الفقه التي يقصدها ابن الجوزي هي حصيلة أو مجموع الأحكام الشرعية التي يحتاجها المسلم في حياته العامة والخاصة بعد أن جعل أصله الفهم الصحيح لعلم العقيدة. لقول ابن الجوزي: "وأول ما ينبغي النظر فيه: معرفة الله تعالى بالدليل. . . ." (٣).

ثم بين ابن الجوزي طريقة دراسة الفقه فقال: "ليقبل على الفقه، فلينظر في المذهب والخلاف، وليكن اعتماده على مسائل الخلاف، فلينظر في المسألة وما تحتوي عليه، فيطلبه من مظانه، كتفسير آية وحديث وكلمة لغة. ويتشاغل بأصول الفقه وبالفرائض وليعلم أن الفقه عليه مدار العلوم" (٤). وحتى يكون الفقيه متمكنًا من علمه، يجب أن تكون لديه القدرة على الفهم الدقيق ثم الاستنباط، ثم الترجيح، ولابد أن يتزود من بعض العلوم بالقدر الذي يحتاجه ويساعده في التمكن من علمه، وفي هذا يقول ابن الجوزي: "للفقيه أن يطالع من كل فن طرفًا، من تاريخ وحديث ولغة وغير ذلك، فإن الفقيه يحتاج إلى جميع العلوم، فليأخذ من كل شيء منها مهمًا" (٥) فعبارة ابن الجوزي "جميع العلوم" تدل على جميع العلوم الموجودة في عصره والتي يحتاجها الفقيه في التمكن من علمه.

وحتى يحصل المتعلم على فائدة العلم، ومتعة النفس، التي تدفعه للعمل بما تعلم، لابد من الإلمام بالرقائق، والاقتداء بالصالحين في سلوكهم، حتى يمزج العلم المجرد المقتصر على الأحكام، بالرقائق،


(١) خلاف، عبد الوهاب. علم أصول الفقه. الكويت، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة العاشرة، ١٣٩٢ هـ- ١٩٧٢ م، ص ١١.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ١٦٢.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفنة الكبد إلى نصيحة الولد. ص ٤٤.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ١٦٩.
(٥) المرجع السابق، ص ٤٣٨.

<<  <   >  >>