للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنة. وفي هذا المعنى قال ابن الجوزي: "وينبغي لطالب العلم أن يصحح قصده، إذ فقدان الإخلاص يمنع قبول الأعمال" (١).

٢ - المقومات الشخصية:

أ- الانتفاع بالوقت وتنظيمه

يرى ابن الجوزي أهمية استغلال الوقت، واستثماره فيما يفيد طالب العلم، ويزيد من تحصيله. وقد وضع برنامجًا زمنيًا للمتعلم، حتى يستفيد من وقته، من بداية اليوم إلى نهايته، جامعًا بين العلم والعمل به. فقال: "فألزِم نفسك يا بني الانتباه عند طلوع الفجر، ولا تتحدث بحديث الدنيا، فقد كان السلف الصالح -رحمهم الله- لا يتكلمون في ذلك الوقت بشيء من أمور الدنيا. فإذا أعدت درسك إلى وقت الضحى الأعلى، فصل الضحى ثماني ركعات، ثم تشاغل بمطالعة أو نسخ إلى وقت العصر، ثم عد إلى درسك من بعد العصر إلى وقت المغرب، وصل بعد المغرب ركعتين بجزئين، فإذا صليت العشاء، فعد إلى دروسك، ثم اضطجع على شقك الأيمن، فسبّح ثلاثًا وثلاثين، واحمد ثلاثًا وثلاثين، وكبّر أربعا وثلاثين، وقل: "اللهم قني عذابك يوم تجمع عبادك".

وإذا فتحت عينيك من النوم، فاعلم أن النفس قد أخذت حظها، فقم إلى الوضوء، وصل في ظلام الليل ما أمكن، واستفتح بركعتين خفيفتين، ثم بعدهما ركعتين بجزئين من القرآن. ثم تعود إلى درس العلم، فإن العلم أفضل من كل نافلة" (٢).

ب- تخصيص وقت للكسب:

يرى ابن الجوزي أن انشغال طالب العلم بتحصيل العلم، ينبغي أن لا ينسيه كسب معيشته ورزق أهله، حتى لا يعرضهم للسؤال، فقال في ذلك: "فعليك يا طالب العلم بالاجتهاد في جمع المال للغنى عن الناس، فإنه يجمع لك دينك. . . فما رأينا في الأغلب منافقًا في التدين والتزهد والتخشع، ولا آفة طرأت على عالم إلا بحب الدنيا، وغالب


(١) المرجع السابق، ص ٣١١.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. ص ٥١ - ٥٢ - ٥٣.

<<  <   >  >>