للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك الفقر. فإن كان له مال يكفيه، ثم يطلب بتلك المخالطة الزيادة، فذلك معدود في أهل الشره، خارج عن حيِّز العلماء" (١).

ثم يبين له طريقة الاكتساب بقوله: "وينبغي له بالتلطف أن يجعل جزءًا من زمانه مصروفًا إلى توفير الاكتساب والتجارة مستنيبًا فيها، غير مباشر لها مع التدبير في العيش الممتنع من الإسراف والتبذير" (٢).

ولنا وقفة في نصيحة ابن الجوزي لطالب العلم بالاكتساب؛ فإنه لم يوص الحُكام والأغنياء بتخصيص منح دراسية لطلاب العلم بدلًا من الاشتغال بالكسب الذي يكون على حساب طلب العلم وتقدم العلوم، لعله لم يوص ابن الجوزي الحكام والأغنياء بذلك حتى لا يعتمد عليهم طالب العلم في معيشته فيفتن بالدنيا وزينتها بحجة طلب العلم.

جـ- مدافعة النكاح

ولا يقصد من ذلك ابن الجوزي أن يهمل طالب العلم الزوجة والأولاد والرزق، بل يريد ألا تشغله هذه الأمور عن تحصيل العلم، ويصرف كل وقته فيها. فقال: "وأختار للمبتدئ في طلب العلم أن يدافع النكاح مهما أمكن، فإن أحمد بن حنبل لم يتزوج حتى تمت له أربعون سنة، وهذا لأجل جمع الهمّ. فإن غلب عليه الأمر تزوج واجتهد في المدافعة بالفعل لتتوافر القوة على إعادة العلم. ثم لينظر ما يحفظ من العلم، فإن العمر عزيز، والعلم غزير" (٣).

٣ - المقومات التعليمية:

أ- المثابرة على طلب العلم بجدٍ:

يحث ابن الجوزي طالب العلم على السعي الدائب للتحصيل المستمر بهمة عالية، وعزيمة قوية عن طريق الاطلاع المستمر في أمهات الكتب المفيدة، فقال في ذلك: "فسبيل طالب الكمال في طلب العلم،


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ١٦٢.
(٢) المرجع السابق، ص ١٧٦.
(٣) المرجع السابق، ص ١٧٨.

<<  <   >  >>