للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمالُ بالنيةِ، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرتُه إلى ما هاجرَ إليه" (١). فالنية الخالصة لله تعالى تحول العادات إلى طاعات وقربات لله تعالى، وتصبغها بالصبغة الإيمانية، والنية الحسنة لابد أن يصحبها عمل موافق للشرع، وإلا حَبط ولم يُقبَل، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللهَ تعالى لا يقبل من العملِ إلا ما كانَ خالصًا، وابتُغي بهِ وجهُه" (٢). وقد أكد ابن الجوزي أهمية النية، لأثرها في زيادة الإيمان، فقال: "ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل. ولتكن نيته في الخير قائمةً، من غير فتور بما يعجز عنه البدن من العمل" (٣).

وقد استشهد ابن الجوزي بحديث رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: "نيةُ المؤمنِ خيرٌ من عملهِ" (٤).

ثمَّ نصح ابن الجوزي ابنه قائلًا: "فلا تعظن إلا بنيةٍ، ولا تمشين إلا بنيةٍ، ولا تأكلن لقمة إلا بنيةٍ، ومع مطالعة أخلاق السلف ينكشف لك الأمر" (٥). وقال أيضًا مخاطبًا نفسه: "ولا تعملي عملًا إلا بعد تقديم النية" (٦).

ويقصد ابن الجوزي بأقواله في النية، أن على الإنسان أن يخلص نيته لله تعالى، متى يقبل عمله، ويصبح عبادة يؤجر عليها. "فالعبرة إذًا بحال القلب، وتصحيح القصد، وتطهيرُ النية من كل وصف مذموم


(١) مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح البخاري. الجزء الحادي عشر، ص ٥٧٢، كتاب الأيمان والنذور، باب النية في الإيمان.
(٢) مرجع سابق، النسائي، أبو عبد الرحمن. سنن النسائي. المجلد الثالث، الجزء السادس، ص ٢٥، كتاب الجهاد، باب من غزا يلتمس الأجر والذكر.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٠.
(٤) الأثري، عبد الرحمن، بن علي بن محمَّد بن عمر، الشيباني، الشافعي. كتاب تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث. بيروت، دار الكتاب العربي، دون طبعة وتاريخ، ص ١٨٥.
(٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. ص ٥٩.
(٦) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٨٣.

<<  <   >  >>