للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يباعد عن الله تعالى، واجب على كل مسلم، لأن الاعتناء بإصلاح القلب مقدم على عمل الجوارح، وعمل القلب مُصحِّح للأعمال الشرعية، أما الأجسام والمظاهر فليس المعول عليها قطعًا" (١). وإذا كانت النية خالصة لله تعالى، ومصاحبة لجميع تصرفات المرء ومشاعره وأفكاره، حوَّلت حياته إلى عبادة دائمة لله تعالى، وهذا تحقيق لقول الله تعالى -وإن لم يستشهد به ابن الجوزي هنا-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٢).

والنية الصادقة بهذا المفهوم، تصبح الصلة الدائمة بين العبد وربه، وعن طريق هذه الصلة تكون تربية الروح.

هـ- ممارسة العبادات المفروضة رغبًا ورهبًا

ومن الأساليب الحيوية في تربية الجانب الروحي في الإنسان أداءُ العبادات بمفهومها المقصور على الصلاة والصوم والزكاة والحج. ولا نقصد هنا مفهوم العبادة الشامل لكل جوانب الحياة. والعبادة من الأساليب الفعالة في تربية الروح وتزكيتها، وانطلاقها إلى عالم النور، وقد عرَّف شيخ الإِسلام ابن تيمية العبادة بقوله: إنها "اسم جامع لكل ما يحبّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة: فالصلاة والزكاة والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء، والذكر، والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة. وكذلك حب الله ورسوله، وخشية الله، والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضاء بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف لعذابه، وأمثال ذلك، هي من العبادات لله" (٣).


(١) العلي، محمَّد، بن صفوك. تكاليف القلب السليم. الكويت، مكتبة الصحابة الإِسلامية، الطبعة الأولى، ١٤٠٥ هـ- ١٩٨٥ م، ص ٤٧.
(٢) سورة الأنعام، الآية ١٦٢.
(٣) ابن تيمية، تقي الدين، أحمد. العبودية. الرياض، مكتبة المعارف، طبعة ١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م، ص ٤.

<<  <   >  >>