للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨ - استشهد ابن الجوزي في الوسائل المعينة على الصبر بقصة عن بشر الحافي رحمة الله عليه فقال فيها؛ "سار ومعه رجل في طريق فعطش صاحبه، فقال له: نشرب من هذه البئر؟ فقال بشر: اصبر إلى البئر الأُخرى، فلما وصلا إليها قال له: البئر الأُخرى. فما زال يعلله .. ثم التفت إليه فقال له: هكذا تنقطع الدنيا" (١).

جـ - الآراء التربوية التي وثقها ابن الجوزي بشعره

إن للشعر تأثيرًا فعّالًا في النفس البشرية لتغيير السلوك، وقد اعتبره بعض المربين المسلمين وسيلة تساعد على غرس القيم والأخلاقيات الصالحة. ولم يستخدم ابن الجوزي الشعر باعتباره وسيلة من وسائل التربية الخلقية فقط، وإنما كان ممن يقول الشعر ويتذوقه، ويدرك تمامًا أثره في تقوية وتدعيم المعنى المراد إيصاله للغير، لما له من أثر فعال في النفس البشرية.

وهذه بعض الآراء التربوية التي وثَّقها ابن الجوزي بشعره:

١ - وضَّح ابن الجوزي رأيه في مرحلة الشباب بقوله نثرًا وشعرًا: "وهذا هو الموسم الأعظم الذي يقع فيه جهاد النفس والهوى وغلبة الشيطان. وبصيانة هذا الموسم يحصل القرب من الله، وبالتفريط فيه يقع الخسران العظيم. . . الخ.

ثم قال ابن الجوزي: "ومما قلته من الشعر في هذا المعنى:

أما الشبابُ فظلمة للمهتدي ... وبه ضلالُ الجاهلِ المتمردِ

فأقمعْه بالصبرِ الجميلِ ودمْ ... على الصوم الطويلِ فإنه كالمبرَدِ

واكففْ لسانَك عن فضولِ كلامهِ ... واحفظْه حفظَ الجوهرِ المتبددِ

واغضُضْ لحاظَك عن حرام واقتنعْ ... بحلالِ ما حصلت تحمد في غدِ

ودع الصَّبا فالله يحمَدُ صَابرًا ... يا نفسُ هذا موسمٌ فتزوَّدي" (٢). الخ.

٢ - كما بيَّن رأيه في مرحلة الكهولة بقوله نثرًا وشعرًا: "وهذا


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٩٨ - ٩٩.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. "تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر". من كتاب التحفة البهية والطرفة الشهية. ص ٦٠ - ٦١.

<<  <   >  >>