للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزمان فيه بقية من الشباب وللنفس فيه ميل إلى الشهوة، وفيه جهاد حسن، وإن كانت طاقات الشيب تزعج وترغب في جهاد اللهو، وليكتف الكهل بنور الشيب الذي أضاء له سبيل الرحيل وليعامل بالبقية المائلة إلى الهوى يربح ولكن لا كربح الشاب:

قد رأيتُ المشيبَ نورًا تبدّى ... نوّرَ الطرقَ ثم ما إن تعدّى

إن نورَ الشباب عاريةٌ عنـ ... ـدي فجاءَ المعيرُ حتى استردَّا

جاءني ناصحٌ أتاني نذيرٌ ... ببياض أرانيَ الأمرَ جِدًا

دعْ حديثَ الصِّبا ورامةَ والغو ... رِ ونجدا يا سعدُ واسعَ لسُعدى

ثم خلِّي حديثَ ليلى ونعم ... ومساع وكلثم دع دعدا

وتزودْ زادَ الشتاءِ فقد فا ... ت ربيعٌ ضَيعت به الوردا

قف على الباب سائلًا عفوَ مولا ... كَ فما إن يزالَ يرحمُ عبدا (١)

٣ - استشهد ابن الجوزي عند بيان سمات العلم النافع بقوله نثرًا وشعرًا: "ثم ينبغي أن يطلب الغاية في معرفة الله تعالى ومعاملته، وفي الجملة لا يترك فضيلة يمكن تحصيلها إلا حصلها. فإن القنوع حالة الأرذال.

فكن رجلًا رجلُه في الثرى ... وهامةُ همتِه في الثُّرَيَّا (٢)

٤ - كذلك وضح رأيه في مرحلة الشيخوخة بقوله نثرًا وشعرًا: "وقد يكون في أول الشيخوخة بغتة هوى فيثاب الشيخ على قدر صبره، فكلما قوي الكبر ضعفت الشهوة. . . الخ.

غُررنا بالشباب المستعارِ ... وقعنا بالمشيب عن الخمارِ

أنارَ لنا المشيبُ سَبيلَ رشدٍ ... وندَّمنا على خَلعِ العذارِ

فوا أسفي على عمير تولّت ... لذاذتُه وأبقتْ قبحَ عارِ

فنحنُ اليومَ نبكي ما فعلْنا ... وكيف وكم وقعنا في خَسارِ

وليس لنا سوى حزنٍ وخوفٍ ... وندب في خضوع وانكسارِ

تعالَوْا نبكِ ما قد كان منَّا ... وقوموا في الدياجِي باعتذارِ

وما شيءٌ لمحوِ الذنبِ أولى ... من الأحزانِ والدمعِ الغزارِ


(١) المرجع السابق، ص ٦٢.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ١٦٠.

<<  <   >  >>