وفي التربية العقلية والعلمية، حدّد ابن الجوزي العقل بمعان ستة، هي أنه: الطاقة أو القوة الفطرية وهي التي تميز الإنسان عن الحيوان، وهو الأداة التي بها يعرف الله تعالى ويترتب على هذه المعرفة الإلمامُ بالأحكام والتكاليف الشرعية، ولدى العقل القدرة على الإدراك والتمييز بين الأمور، والقدرة على التعلم واكتساب المعارف والمهارات وضبط الدوافع والشهوات.
وهذه القدرات العقلية فطرية ومكتسبة، والناس يختلفون فيها، وفي درجات العقل المرتفعة والمنخفضة، وما تتميز به كل قدرة من صفات.
وفي مجال التربية العقلية أشاد ابن الجوزي بالعلم والتعليم والعلماء، ونوَّه بفضلهم مؤكّدًا قوله بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وموضحًا أن العلم النافع هو الذي يورث الخوف والخشية من الله تعالى، ويصلح السريرة التي تبتغي وجه الله تعالى، وتدفع المرء لاكتساب الفضائل، وأكّد وجوب تلازم العلم والعمل.
وأنه لابد من مراعاة المقومات الأساسية للعالم والمتعلم في أثناء تعلمهما حتى يجنيا ثمرة علمهما، ومن هذه المقومات الخاصة بالعالم، أن يبتغي بعلمه وجه الله تعالى، باذلًا له، عاملًا به، ويهتم بمظهره الخارجي ونظافته الشخصية مقتديًا في ذلك بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكسب من المال ما يسدّ حاجة أهله وعياله، ويستغلّ وقته فيما يفيده، مع مراعاة الآداب الوعظية في أثناء إعداد الدرس وإلقائه مثل اختيار الموضوع المناسب، وذكر الله تعالى، والموازنة في الصوت، ومراعاة الفروق الفردية العقلية للسامعين، والاقتصاد في الموعظة، والورع في الفتوى.
أما المقومات الخاصة بالمتعلم فأن يبتغي بعلمه وجه الله تعالى، ويحرص على الانتفاع به وتنظيم أوقاته في طلب العلم، والمثابرة عليه، والإلمام من كل علم بطرف، مع تخصيص وقت للكسب الذي يسدّ حاجة أهله وعياله.
وهناك شروط للتعلم الجيد الذي يساعد على التحصيل الفعّال، منها تحقيق الصحة العامة للمتعلم، واستغلال الأعمار الزمنية المناسبة