وتصدى للتصنيف وكتب بخطه الكثير، ومن مصنفاته المكملة المجموع الذي وسمه بمختصر المهمات في خمسة أسفار، وشرح الحاوي الصغير في خمسة أسفار بدأ في تصنيفه من البيوع إلى آخر الفقه، ثم شرع في مجاورته الأخيرة التي توفي فيها في تكملته فوصل إلى أثناء التيمم -وقد شرعت في تكملته، ومنسكه الكبير في مجلد كبير جمع فيه فأوعى، وشرح مختصر جمع الجوامع للسبكي وهو بديع، والجواب الرّاسي لمسألة الفاسي وهو مصنف بديع مبتكر لم يسبق إليه، وله على مختصر ابن الحاجب شرح بديع بسيط احترق في الفتنة وكذلك على التنبيه لخص منه تعليقه الشيخ برهان الدين بن الفركاح.
وأما التي لم تكمل وعاجلته فيها المنية فمنها القطعة الكبيرة الحافلة في أسماء رجال البخاري بيّن فيها أموراً عجيبة وقعت للحفاظ المتأخرين كالمزّي والذهبي فمن بعدهم، وكلامه فيها شاهد معدّل له بالمرتبة العليا في علم الحديث وكان قد تعلق به آخراً.
والقطعة الحافلة على المنهاج للنووي كتب منه مجلدين إلى كتاب الصلاة وبُيضت، وقطعة على منهاج البيضاوي، وقطعة على ألفية ابن مالك، وشرح عمدة الأحكام وصل فيه إلى أثناء الصداق -وقد كمّلته بحمد الله ببركته فصار شرحاً بديعاً لم ينسج على منواله.
وأما فتاويه وتعاليقه فهي كثيرة لا تحصى. . . . إن شاء الله، وصنف في كل شيء حتى في التعبير والتاريخ، وغالب هذه المصنفات المذكورة بعد الفتنة مع اشتغاله بالقضاء والدروس العامة، وسؤال الطلبة في الأسبوع أربعة أيام وهذه كرامة من الله له فإنه. . . . دون العشرين كما ستعرفه في وفاته.
وباشر إفتاء دار العدل نحو أربعين سنة لم يكن لأحد من القضاة وغيرهم إذا حضر معه كلام وإنما يمتثل الكل ما يقول، وكان أعطي من الله تعالى المهابة والقبول التام عند الخاص والعام وتخرّج عليه فضلاء عصره حتى صاروا أئمة المذهب وقضاة الإسلام، وحملت إليه الفتاوى من أقطار الأرض ذات الطول والعرض.