وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ: وَصِيَّةٌ بِالرَّفْعِ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ، بِالنَّصْبِ وَارْتِفَاعِ: وَالَّذِينَ، على الابتداء. ووصية بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَهِيَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ فِي الْمَعْنَى، التَّقْدِيرُ: وَصِيَّةٌ مِنْهُمْ أَوْ مِنَ اللَّهِ، عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ، أَهِيَ عَلَى الْإِيجَابِ مِنَ اللَّهِ؟ أَوْ عَلَى النَّدْبِ لِلْأَزْوَاجِ؟ وَخَبَرُ هَذَا الْمُبْتَدَأِ هُوَ قَوْلُهُ: لِأَزْوَاجِهِمْ، وَالْجُمْلَةُ: مِنْ وَصِيَّةٌ لِأَزْوَاجِهِمْ، فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ عَنِ: الَّذِينَ، وَأَجَازُوا أَنْ يَكُونَ: وَصِيَّةٌ، مُبْتَدَأً وَ: لِأَزْوَاجِهِمْ، صِفَةً. وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: فَعَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ لِأَزْوَاجِهِمْ.
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ النُّحَاةِ أَنَّ: وَصِيَّةٌ، مَرْفُوعٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: كُتِبَ عَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ، قِيلَ: وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرُ معنى لا تفسير إعراب، إِذْ لَيْسَ هَذَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُضْمَرُ فِيهَا الْفِعْلُ.
وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَوَصِيَّةُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ، أَوْ: وَحُكْمُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ وَصِيَّةٌ لِأَزْوَاجِهِمْ، فَيَكُونُ ذلك مبتدأ على مُضَافٍ، وَأَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ أَهْلُ وَصِيَّةٍ، فَجَعَلَ الْمَحْذُوفَ مِنَ الْخَبَرِ، وَلَا ضَرُورَةَ تدعو بنا إلى الادعاء بهذا الْحَذْفِ، وَانْتِصَابُ وَصِيَّةً عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ، التَّقْدِيرُ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ، فَيَكُونُ:
وَالَّذِينَ، مُبْتَدَأً وَ: يُوصُونَ الْمَحْذُوفُ، هُوَ الْخَبَرُ، وَقَدَّرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ: لِيُوصُوا، وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ ارْتِفَاعَ: وَالَّذِينَ، عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ، وَانْتِصَابُ وَصِيَّةً عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ، التَّقْدِيرُ: وَأُلْزِمَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَصِيَّةً، وَهَذَا ضَعِيفٌ، إِذْ لَيْسَ مِنْ مَوَاضِعِ إِضْمَارِ الْفِعْلِ، وَمِثْلُهُ فِي الضَّعْفِ مَنْ رَفَعَ: وَالَّذِينَ، عَلَى إِضْمَارِ:
وَلْيُوصِ، الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ، وَبِنَصْبِ وَصِيَّةً عَلَى الْمَصْدَرِ، وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: الْوَصِيَّةُ لِأَزْوَاجِهِمْ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَ: لِأَزْوَاجِهِمُ الْخَبَرِ، أَوْ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: عَلَيْهِمُ الْوَصِيَّةُ.
وَانْتَصَبَ مَتَاعًا إِمَّا عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ مِنْ لَفْظِهِ أَيْ: مَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا، أَوْ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ أَيْ: جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ مَتَاعًا، أَوْ بِقَوْلِهِ: وَصِيَّةً أَهُوَ مَصْدَرٌ مُنَوَّنٌ يَعْمَلُ، كَقَوْلِهِ:
فَلَوْلَا رَجَاءُ النَّصْرِ مِنْكَ وَرَهْبَةٌ ... عِقَابَكَ قَدْ كَانُوا لَنَا كَالْمَوَارِدِ
وَيَكُونُ الْأَصْلُ: بِمَتَاعٍ، ثُمَّ حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ؟ فَإِنْ نَصَبْتَ: وَصِيَّةً فَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ مَتَاعًا بِالْفِعْلِ النَّاصِبِ لِقَوْلِهِ: وَصِيَّةً، وَيَكُونُ انْتِصَابُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ، لِأَنَّ مَعْنَى: يُوصِي بِهِ يمتع بِكَذَا، وَأَجَازُوا أَنْ يَكُونَ مَتَاعًا صِفَةً لِوَصِيَّةٍ، وَبَدَلًا وَحَالًا مِنَ الْمُوصِينَ، أَيْ: مُمَتِّعِينَ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute