للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَوَى مَتَاعٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ حَالًا مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، أَيْ: مُمَتَّعَاتٍ أَوْ ذَوَاتِ مَتَاعٍ، وَيَكُونُ حَالًا مُقَدَّرَةً إِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ مِنَ الْأَزْوَاجِ.

وَقَرَأَ أُبَيٌّ: مَتَاعٌ لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ، وَرُوِيَ عَنْهُ: فَمَتَاعٌ، وَدُخُولُ الْفَاءِ فِي خَبَرِ: وَالَّذِينَ، لِأَنَّهُ مَوْصُولٌ ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَمَنْ يُتَوَفَّ، وَيَنْتَصِبُ: مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ، بِهَذَا الْمَصْدَرِ، إِذْ مَعْنَاهُ التَّمْتِيعُ، كَقَوْلِكَ: أَعْجَبَنِي ضَرْبٌ لَكَ زَيْدًا ضَرْبًا شَدِيدًا.

وَانْتَصَبَ: غَيْرَ إِخْرَاجٍ، صفة لمتاعا، أو بدلا من متاع أَوْ حَالًا مِنَ الْأَزْوَاجِ أَيْ: غَيْرَ مُخْرَجَاتٍ، أَوْ: مِنَ الْمُوصِينَ أَيْ: غَيْرَ مُخْرِجِينَ، أَوْ مَصْدَرًا مُؤَكَّدًا، أَيْ: لَا إِخْرَاجًا، قَالَهُ الْأَخْفَشُ.

فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ مَنَعَ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِنَّ مِنْ إِخْرَاجِهِنَّ، فَإِنْ خَرَجْنَ مُخْتَارَاتٍ لِلْخُرُوجِ ارْتَفَعَ الْحَرَجُ عَنِ النَّاظِرِ فِي أَمْرِهِنَّ، إِذْ خُرُوجُهُنَّ مُخْتَارَاتٍ جَائِزٌ لَهُنَّ، وَمُوَضَّحٌ انْقِطَاعُ تَعَلُّقِهِنَّ بِحَالِ الْمَيِّتِ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُنَّ مِمَّا يَفْعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ: تَزْوِيجٍ، وَتَرْكِ إِحْدَادٍ، وَتَزَيُّنٍ، وَخُرُوجٍ، وَتَعَرُّضٍ لِلْخُطَّابِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ شَرْعًا.

وَيَتَعَلَّقُ: فِيمَا فَعَلْنَ، بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، عَلَيْكُمْ أَيْ: فَلَا جُنَاحَ يَسْتَقِرُّ عَلَيْكُمْ فيما فعلن.

وَمَا، مَوْصُولَةٌ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: فَعَلْنَهُ، وَ: مِنْ مَعْرُوفٍ، فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ فِي: فَعَلْنَ، فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَعَلْنَهُ كَائِنًا مِنْ مَعْرُوفٍ.

وَجَاءَ هُنَا: مِنْ مَعْرُوفٍ، نكرة مجرورة بمن، وَفِي الْآيَةِ النَّاسِخَةِ لَهَا عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، جَاءَ: بِالْمَعْرُوفِ، مُعَرَّفًا مَجْرُورًا بِالْبَاءِ.

وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ نَظِيرَتُهَا فِي قَوْلِكَ: لَقِيتُ رَجُلًا، ثُمَّ تَقُولُ: الرَّجُلُ مِنْ وَصْفِهِ كَذَا وَكَذَا، وَكَذَلِكَ: أَنَّ الْآيَةَ السَّابِقَةَ مُتَقَدِّمَةٌ فِي التِّلَاوَةِ مُتَأَخِّرَةٌ فِي التَّنْزِيلِ، وَهَذِهِ بِعَكْسِهَا، وَنَظِيرُ ذَلِكَ سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ «١» عَلَى ظَاهِرِ مَا نُقِلَ مَعَ قَوْلِهِ: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ «٢» .

وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ خَتَمَ الْآيَةَ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ، فَقَوْلُهُ: عَزِيزٌ، إظهار للغلبة والقهر


(١) سورة البقرة: ٢/ ١٤٢.
(٢) سورة البقرة: ٢/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>