الْمَوْضِعَيْنِ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ: أَصابَها وابِلٌ حَالًا مِنْ جَنَّةٍ لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ، وَقَدْ وُصِفَتْ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ.
فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ آتَتْ بِمَعْنَى: أَعْطَتْ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ، التَّقْدِيرُ:
فَآتَتْ صَاحِبَهَا، أَوْ: أَهْلَهَا أُكُلَهَا. كَمَا حُذِفَ فِي قَوْلِهِ كَمَثَلِ جَنَّةٍ أَيْ: صَاحِبِ أَوْ:
غَارِسِ جَنَّةٍ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ ذِكْرُ مَا يُثْمِرُ لَا لِمَنْ تُثْمِرُ، إِذْ هُوَ مَعْلُومٌ، وَنَصْبُ: ضِعْفَيْنِ، عَلَى الْحَالِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ: ضِعْفَيْنِ، مَفْعُولٌ ثَانٍ: لِآتَتْ، فَهُوَ سَاهٍ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ آتَتْ بِمَعْنَى أَخْرَجَتْ، وَأَنَّهَا تَتَعَدَّى لِوَاحِدٍ، إِذْ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، وَنِسْبَةُ الْإِيتَاءِ إِلَيْهَا مَجَازٌ، وَالْأُكُلُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ الشَّيْءُ الْمَأْكُولُ، وَأُرِيدَ هُنَا الثَّمَرُ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى الْجَنَّةِ إِضَافَةُ اخْتِصَاصٍ، كَسَرْجِ الدَّابَّةِ، إِذْ لَيْسَ الثَّمَرُ مِمَّا تَمْلِكُهُ الْجَنَّةُ.
وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ، وَأَبُو عَمْرٍو بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَإِسْكَانِ الْكَافِ، وَكَذَا كُلُّ مُضَافٍ إِلَى مُؤَنَّثٍ. وَنَقَلَ أَبُو عَمْرٍو فِيمَا أُضِيفَ إِلَى غَيْرِ مَكْنِيٍّ، أَوْ إِلَى مَكْنِيٍّ مُذَكَّرٍ، وَالْبَاقُونَ بِالتَّثْقِيلِ.
وَمَعْنَى: ضِعْفَيْنِ: مِثْلَا مَا كَانَتْ تُثْمِرُ بِسَبَبِ الْوَابِلِ، وَبِكَوْنِهِ فِي رَبْوَةٍ، لِأَنَّ رِيعَ الرُّبَا أَكْثَرُ، وَمِنَ السَّيْلِ وَالْبَرْدِ أَبْعَدُ، وَقِيلَ: ضِعْفَيْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَرَضِينَ، وَقِيلَ: أَرْبَعَةَ أَمْثَالِهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ مِثْلَاهُ.
وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهَا، قَالَ تَاجُ الْقُرَّاءِ. وَلَيْسَ لِهَذَا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَجْهٌ، وَإِيتَاءُ الضِّعْفَيْنِ هُوَ فِي حَمْلٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ، وَعَطَاءٌ: مَعْنَى ضِعْفَيْنِ أَنَّهَا حَمَلَتْ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ. وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ضِعْفَيْنِ، مِمَّا لَا يُزَادُ بِهِ شَفْعُ الْوَاحِدِ، بَلْ يَكُونُ مِنَ التَّشْبِيهِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ التَّكْثِيرُ. وَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ، ضِعْفًا بَعْدَ ضِعْفٍ أَيْ:
أَضْعَافًا كَثِيرَةً، وَهَذَا أَبْلَغُ فِي التَّشْبِيهِ لِلنَّفَقَةِ بِالْجَنَّةِ، لِأَنَّ الْحَسَنَةَ لَا يَكُونُ لَهَا ثَوَابُ حَسَنَتَيْنِ، بَلْ جَاءَ تُضَاعَفُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، وَعَشْرَ أَمْثَالِهَا، وَسَبْعَ مِائَةٍ وَأَزِيدُ.
فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ قَالَ ابْنُ عِيسَى: فِيهِ إِضْمَارٌ، التَّقْدِيرُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُصِيبُهَا وَابِلٌ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا مَا انْتَسَبْنَا لَمْ تَلِدْنِي لَئِيمَةٌ أَيْ: لَمْ تَكُنْ تَلِدْنِي، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الطَّلَّ يَكْفِيهَا وَيَنُوبُ مَنَابَ الْوَابِلِ فِي إِخْرَاجِ