للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّجَّاجُ: عَنِ الْبَيَانِ الَّذِي أَبَانَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ: عَنِ الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالتَّنْزِيهِ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ. وَقَالَ الْمُرْسِيُّ: عَنْ هَذَا الذِّكْرِ. وَقِيلَ: عَنِ الْإِيمَانِ.

وَ: تَوَلَّوْا، مَاضٍ أَوْ مُضَارِعٌ حُذِفَتْ تَاؤُهُ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ فِي الظَّاهِرِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ، وَالْمَعْنَى: مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عِلْمِهِ بِالْمُفْسِدِينَ مِنْ مُعَاقَبَتِهِ لَهُمْ، فَعَبَّرَ عَنِ الْعِقَابِ بِالْعِلْمِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ عِقَابُهُمْ، وَنَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ الَّتِي تُوجِبُ الْعِقَابَ، وَهِيَ الْإِفْسَادُ، وَلِذَلِكَ أَتَى بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ دُونَ الضَّمِيرِ، وَأَتَى بِهِ جَمْعًا لِيَدُلَّ عَلَى الْعُمُومِ الشَّامِلِ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَوَلَّوْا وَلِغَيْرِهِمْ، وَلِكَوْنِهِ رَأْسَ آيَةٍ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَوَلِّيَهُمْ إِفْسَادٌ أَيُّ إِفْسَادٍ.

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ نَزَلَتْ فِي وَفْدِ نَجْرَانَ، قَالَهُ الْحَسَنُ، وَالسُّدِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لَمَّا أَبَى أَهْلُ نَجْرَانَ مَا دُعُوا إِلَيْهِ مِنَ الْمُلَاعَنَةِ، دُعُوا إِلَى أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ الْكَلِمَةُ السَّوَاءُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ، بَعَثَ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ بِالْحَبَشَةِ، فَقَرَأَهَا جَعْفَرٌ، وَالنَّجَاشِيُّ جَالِسٌ وَأَشْرَافُ الْحَبَشَةِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ: فِي يَهُودِ الْمَدِينَةِ، وَهُمُ الَّذِينَ حَاجُّوا فِي إِبْرَاهِيمَ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ! مَا تُرِيدُ إِلَّا أَنْ نَقُولَ فِيكَ مَا قَالَتِ الْيَهُودُ فِي عُزَيْرٍ؟

وَلَفْظُ: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ، يَعُمُّ كُلَّ مَنْ أُوتِيَ كِتَابًا، وَلِذَلِكَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ بِالْآيَةِ، وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى النَّصَارَى لِأَنَّ الدَّلَالَةَ وَرَدَتْ عَلَيْهِمْ، وَالْمُبَاهَلَةَ مَعَهُمْ، وَخَاطَبَهُمْ: بيا أَهْلَ الْكِتَابِ، هَزًّا لَهُمْ فِي اسْتِمَاعِ مَا يُلْقَى إِلَيْهِمْ، وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ أَهْلَ كِتَابٍ مِنَ اللَّهِ يَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَ كِتَابَ اللَّهِ، وَلَمَّا قَطَعَهُمْ بِالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ فَلَمْ يُذْعِنُوا، وَدَعَاهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ فَامْتَنَعُوا، عَدَلَ إِلَى نَوْعٍ مِنَ التَّلَطُّفِ، وَهُوَ: دُعَاؤُهُمْ إِلَى كَلِمَةٍ فِيهَا إِنْصَافٌ بَيْنَهُمْ.

وَقَرَأَ أَبُو السَّمَّالِ: كلمة، كضربة، و: كلمة، كَسِدْرَةٍ، وَتَقَدَّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:

مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ «١» وَالْكَلِمَةُ هِيَ مَا فُسِّرَتْ بِهِ بَعْدُ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، وهذا تفسير المعنى.


(١) سورة آل عمران: ٣/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>