للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَذْلُ وَالْخِذْلَانُ: هُوَ التَّرْكُ فِي مَوْضِعٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى التَّارِكِ. وَأَصْلُهُ: مِنْ خَذْلِ الظَّبْيِ، وَلِهَذَا قِيلَ لَهَا: خَاذِلٌ إِذَا تَرَكَتْهَا أُمُّهَا. وَهَذَا عَلَى النَّسَبِ أَيْ ذَاتُ خَذْلٍ، لِأَنَّ الْمَتْرُوكَةَ هِيَ الْخَاذِلُ بِمَعْنَى مَخْذُولَةٍ، وَيُقَالُ: خَاذِلَةٌ. قَالَ الشَّاعِرُ:

بِجِيدِ مُغْزِلَةٍ أَدْمَاءَ خَاذِلَةٍ ... مِنَ الظِّبَاءِ تُرَاعِي شَادِنًا خَرِقَا

وَيُقَالُ أَيْضًا لَهَا: خَذُولٌ فَعُولٌ، بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. قَالَ:

خَذُولٌ تُرَاعِي رَبْرَبًا بِخَمِيلَةٍ ... تَنَاوَلُ أَطْرَافَ الْبَرِيدِ وَتَرْتَدِي

الْغُلُولُ: أَخْذُ الْمَالِ مِنَ الْغَنِيمَةِ فِي خَفَاءٍ. وَالْفِعْلُ مِنْهُ غَلَّ يَغُلُّ بِضَمِّ الْغَيْنِ. وَالْغِلُّ الضَّغَنُ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ غَلَّ يَغِلُّ بِكَسْرِ الْغَيْنِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: تَقُولُ الْعَرَبُ: أَغَلَّ الرَّجُلُ إِغْلَالًا، خَانَ فِي الْأَمَانَةِ. قَالَ النَّمِرُ:

جَزَى اللَّهُ عَنِّي جَمْرَةَ بْنَ نَوْفَلٍ ... جَزَاءَ مُغِلٍّ بِالْأَمَانَةِ كَاذِبِ

وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: الْغُلُولُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَلَلِ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي فِي أُصُولِ الشَّجَرِ وَالرُّوحِ. وَيُقَالُ أَيْضًا فِي الْغُلُولِ: أَغَلَّ إِغْلَالًا وَأَغَلَّ الْحَارِزُ سَرَقَ شَيْئًا مِنَ اللَّحْمِ مَعَ الْجِلْدِ. وَيُقَالُ: أَغَلَّهُ وَجَدَهُ غَالًّا كَقَوْلِكَ: أَبْخَلْتُهُ وَجَدْتَهُ بَخِيلًا.

السُّخْطُ مَصْدَرُ سَخِطَ، جَاءَ عَلَى الْقِيَاسِ. وَيُقَالُ فِيهِ: السُّخْطُ بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْخَاءِ. وَيُقَالُ: مَاتَ فُلَانٌ فِي سُخْطَةِ الْمَلِكِ أَيْ فِي سُخْطِهِ. وَالسُّخْطُ الْكَرَاهَةُ الْمُفْرِطَةُ، وَيُقَابِلُهُ الرِّضَا.

إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ هَذِهِ الْجُمَلُ الَّتِي تَضَمَّنَتِ التَّوْبِيخَ وَالْعَتَبَ الشَّدِيدَ. إِذْ هُوَ تِذْكَارٌ بِفِرَارِ مَنْ فَرَّ وَبَالَغَ فِي الْهَرَبِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ. فَمِنْ شِدَّةِ الْفِرَارِ وَاشْتِغَالِهِ بِنَفْسِهِ وَهُوَ يَرُومُ نَجَاتَهَا لَمْ يُصْغِ إِلَى دُعَاءِ الرَّسُولِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْعَتَبِ حَيْثُ فَرَّ، وَالْحَالَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: تُصْعِدُونَ مُضَارِعُ أَصْعَدَ، وَالْهَمْزَةُ فِي أَصْعَدَ لِلدُّخُولِ. أَيْ: دَخَلْتُمْ فِي الصَّعِيدِ، ذَهَبْتُمْ فِيهِ. كَمَا تَقُولُ: أَصْبَحَ زَيْدٌ، أَيْ دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ. فَالْمَعْنَى: إِذْ تَذْهَبُونَ فِي الْأَرْضِ. وَتُبَيِّنُ ذَلِكَ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ: إِذْ تُصْعِدُونَ فِي الْوَادِي. وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالْيَزِيدِيُّ: تُصْعِدُونَ مِنْ صَعِدَ فِي الْجَبَلِ إِذَا ارْتَقَى إِلَيْهِ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْرَةَ: تَصَعَّدُونَ مِنْ تَصَعَّدَ فِي السُّلَّمِ، وَأَصْلُهُ: تَتَصَعَّدُونْ، فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>