مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ الْهَدَايَا تُطْعَنُ فِي سَنَامِهَا وَتُقَلَّدُ. قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ «١» وَضُعِّفَ قَوْلُهُ، بِأَنَّهُ قَدْ عَطَفَ عَلَيْهِ. وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ. وَقِيلَ: هِيَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ غَيْرِهِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
هِيَ مَا أُشْعِرَ أَيْ جُعِلَ إِشْعَارًا وَعَلَمًا لِلنُّسُكِ مِنْ مَوَاقِفِ الْحَجِّ وَمَرَامِي الْجِمَارِ وَالطَّوَافِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ عَلَامَاتُ الْحَاجِّ يَعْرِفُ بِهَا مِنَ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ وَالنَّحْرِ انْتَهَى.
وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُفْرَدٌ مَعْهُودٌ. فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ شَهْرُ الْحَجِّ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ: هُوَ ذُو الْقَعْدَةِ مِنْ حَيْثُ كَانَ أَوَّلَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ:
رَجَبٌ. وَيُضَافُ إِلَى مُضَرَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُحَرِّمُ فِيهِ الْقِتَالَ وَتُعَظِّمُهُ، وَتُزِيلُ فِيهِ السِّلَاحَ وَالْأَسِنَّةَ مِنَ الرِّمَاحِ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ مُجْمِعَةً عَلَى تَعْظِيمِ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ، وَمُخْتَلِفَةً فِي رَجَبٍ، فَشَدَّدَ تَعَالَى أَمْرَهُ. فَهَذَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ بِذِكْرِهِ. وَقِيلَ: الشَّهْرُ مُفْرَدٌ مُحَلَّى بِأَلِ الْجِنْسِيَّةِ، فَالْمُرَادُ بِهِ عُمُومُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَهِيَ: ذُو الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ. وَالْمَعْنَى: لَا تُحِلُّوا بِقِتَالٍ وَلَا غَارَةٍ وَلَا نَهْبٍ. قَالَ مُقَاتِلٌ: وَكَانَ جُنَادَةُ بْنُ عَوْفٍ يَقُومُ فِي سُوقِ عُكَاظٍ كُلَّ يَوْمٍ فَيَقُولُ: أَلَا إِنِّي قَدْ حَلَّلْتُ كَذَا وَحَرَّمْتُ كَذَا.
وَلَا الْهَدْيَ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْهَدْيَ مَا هُدِيَ مِنَ النَّعَمِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَقُصِدَ بِهِ الْقُرْبَةُ، فَأَمَرَ تَعَالَى أَنْ لَا يُسْتَحَلَّ، وَلَا يَغَارَ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَالْخِلَافُ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ فِيهِ مَوْجُودٌ. قِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إِلَى بَيْتِ اللَّهِ مِنْ نَاقَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، وَغَيْرِهَا مِنَ الذَّبَائِحِ وَالصَّدَقَاتِ. وَقِيلَ: هُوَ مَا قُصِدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ وَمِنْهُ
فِي الْحَدِيثِ: ثُمَّ «كَالْمُهْدِي دَجَاجَةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِي بَيْضَةً»
فَسَمَّى هَذِهِ هَدْيًا. وَقِيلَ: الشَّعَائِرُ الْبُدْنُ مِنَ الْأَنْعَامِ، وَالْهَدْيُ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ مَا أُهْدِيَ. وَقِيلَ: الشَّعَائِرُ مَا كَانَ مُشْعَرًا بِإِسَالَةِ الدَّمِ مِنْ سَنَامِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنَ الْعَلَائِمِ، وَالْهَدْيُ مَا لَمْ يُشْعَرِ اكْتُفِيَ فِيهِ بِالتَّقْلِيدِ. وَقَالَ مَنْ فَسَّرَ الشَّعَائِرَ بِالْمَنَاسِكِ، ذَكَرَ الْهَدْيَ تَنْبِيهًا عَلَى تَفْصِيلِهَا.
وَلَا الْقَلائِدَ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَمُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ: الْقَلَائِدُ هِيَ مَا كَانُوا يَتَقَلَّدُونَ بِهِ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ لِيَأْمَنُوا بِهِ، فَنُهِيَ الْمُؤْمِنُونَ عَنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَنْ أَخْذِ الْقَلَائِدِ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُعَضَدُ شَجَرُهَا» .
وَقَالَ الجمهور:
(١) سورة الحج: ٢٢/ ٣٦.