للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الصَّيْدَ هُوَ مَا تَوَحَّشَ مَأْكُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ. فَعَلَى هَذَا لَوْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ سَبُعًا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ضَمِنَ وَلَا يُجَاوِزُ قِيمَةَ شَاةٍ، وَقَالَ زُفَرُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَقَالَ قَوْمٌ الصَّيْدُ هُوَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُبِ الضَّمَانُ فِي قَتْلِ السَّبُعِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَا فِي قَتْلِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ وَلَا الذِّئْبِ وَإِذَا كان الصيد مما يحل أَكْلُهُ فَقَتَلَهُ الْمُحْرِمُ وَلَوْ بِالذَّبْحِ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ أَنَّهُ غَيْرُ مُذَكًّى فَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الْحَسَنِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إِنْ ذَبَحَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ ذَكَّاهُ، وَقَالَ الْحَكَمُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسُفْيَانُ يَحِلُّ لِلْحَلَالِ أَكْلُهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الْحَسَنِ.

وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ الظَّاهِرُ تَقْيِيدُ الْقَتْلِ بِالْعَمْدِ فَمَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَقَتَلَ خَطَأً بِأَنْ كَانَ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ أَوْ رَمَاهُ ظَانًّا أَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ أَوْ عَدَلَ سَهْمَهُ الَّذِي رَمَاهُ لِغَيْرِ صَيْدٍ فَأَصَابَ صَيْدًا فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَسَالِمٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا أَسْنَدَهُ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ إِنَّمَا التَّكْفِيرُ فِي الْعَمْدِ وَإِنَّمَا غَلَّظُوا فِي الْخَطَأِ لِئَلَّا يَعُودُوا، وَقِيلَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَأُلْحِقَ بِهِ النَّادِرُ، وَقِيلَ ذَكَرَ التَّعَمُّدَ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْآيَةِ فِي مَنْ تَعَمَّدَ لِقِصَّةِ أَبِي الْيَسَرِ إِذْ قَتَلَ الْحِمَارَ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ أَنَّ الْخَطَأَ بِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْعَمْدِ وَالْعَمْدُ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ قَاصِدًا لِلْقَتْلِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وابن عباس وطاوس والحسن وَإِبْرَاهِيمَ وَالزُّهْرِيِّ، قَالَ الزُّهْرِيُّ جَزَاءُ الْعَمْدِ بِالْقُرْآنِ وَالْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ بِالسُّنَّةِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ إِنْ كَانَ يُرِيدُ بِالسُّنَّةِ الْآثَارَ الَّتِي وَرَدَتْ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَنِعِمَّا هِيَ وَأَحْسِنْ بِهَا أُسْوَةً، وَقَالَ مُجَاهِدٌ مَعْنَاهُ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ فَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ فَهَذَا أَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُكَفِّرَ وَقَدْ حَلَّ وَلَا حَجَّ لَهُ لِارْتِكَابِهِ مَحْظُورَ إِحْرَامِهِ فَبَطَلَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا، قَالَ وَمَنْ أَخْطَأَ فَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَقَالَ نَحْوَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ مُتَعَمِّدًا وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَحَجُّهُ تَامٌّ، وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ فَجَزاءٌ بِالتَّنْوِينِ مِثْلُ بِالرَّفْعِ فَارْتِفَاعُ جَزَاءٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ الْخَبَرُ تَقْدِيرُهُ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ وَمِثْلُ صِفَةٌ أَيْ فَجَزَاءٌ يُمَاثِلُ مَا قَتَلَ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ فَجَزَاؤُهُ مِثْلُ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ أَوْ عَلَى الصَّيْدِ وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ يَرْتَفِعُ فَجَزَاؤُهُ مِثْلُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ فَجَزاءٌ مِثْلُ بِرَفْعِ جَزَاءٍ وَإِضَافَتِهِ إِلَى مِثْلٍ، فَقِيلَ مِثْلٌ كَأَنَّهَا مُقْحَمَةٌ كَمَا تَقُولُ مِثْلُكَ مَنْ يَفْعَلُ كَذَا أَيْ أَنْتَ تَفْعَلُ كَذَا فَالتَّقْدِيرُ فَجَزَاءُ مَا قَتَلَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>