للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْمَوْتَى هُنَا الْكُفَّارَ فَقِيلَ الْبَعْثُ يُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ مِنَ الْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالرُّجُوعُ هُوَ رُجُوعُهُمْ إِلَى سَطْوَتِهِ وَعِقَابِهِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ.

وَعَلَى هَذَا تَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُتَضَمِّنَةً الْوَعِيدَ لِلْكُفَّارِ. وَقِيلَ الْمَوْتُ وَالْبَعْثُ حَقِيقَةٌ وَالْجُمْلَةُ مَثَلٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إِلْجَائِهِمْ إِلَى الِاسْتِجَابَةِ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَبْعَثُ الْمَوْتَى مِنَ الْقُبُورِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ لِلْجَزَاءِ، فَكَانَ قَادِرًا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَوْتَى بِالْكُفْرِ أَنْ يُحْيِيَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَأَنْتَ لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقِيلَ الْمَوْتُ وَالْبَعْثُ مَجَازَانِ اسْتُعِيرَ الْمَوْتُ لِلْكُفْرِ وَالْبَعْثُ لِلْإِيمَانِ.

فَقِيلَ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ وَالْمَوْتَى بِالْكُفْرِ يُحْيِيهِمُ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ.

وَقِيلَ لَيْسَ جُمْلَةً بَلِ الْمَوْتى مَعْطُوفٌ عَلَى الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ويَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ. وَالْمَعْنَى إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ سَمَاعَ قَبُولٍ، فَيُؤْمِنُونَ بِأَوَّلِ وَهْلَةٍ وَالْكُفَّارُ حَتَّى يُرْشِدَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُوَفِّقَهُمْ لِلْإِيمَانِ، فَلَا تَتَأَسَّفْ أَنْتَ وَلَا تَسْتَعْجِلْ مَا لَمْ يُقَدَّرْ.

وَقُرِئَ ثُمَّ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ رَجَعَ اللَّازِمِ.

وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِي رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ سَأَلُوا الرَّسُولَ آيَةً تَعَنُّتًا مِنْهُمْ، وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَهُمْ بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ فِيهَا مُقْنِعٌ

انْتَهَى.

وَالضَّمِيرُ فِي وَقالُوا عَائِدٌ عَلَى الْكُفَّارِ، ولولا تَحْضِيضٌ بِمَعْنَى هَلَّا.

قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً أَيْ مَهْمَا سَأَلْتُمُوهُ مِنْ إِنْزَالِ آيَةٍ اللَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ.

كَمَا أَنْزَلَ الْآيَاتِ السَّابِقَةَ فَلَا فَرْقَ فِي تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِالْآيَاتِ الْمُقْتَرَحَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ وَالْآيَاتِ الَّتِي لَمْ تُقْتَرَحْ وَقَدِ اقْتَرَحْتُمْ آيَاتٍ كَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ فَلَمْ تُجْدِ عَلَيْكُمْ وَلَا أَثَّرَتْ فِيكُمْ، وَقُلْتُمْ هَذَا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ وَلَمْ تَعْتَدُّوا بِمَا أُنْزِلَ مَعَ كَثْرَتِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ شَيْءٌ مِنَ الْآيَاتِ، لِأَنَّ دَأْبَكُمُ الْعِنَادُ فِي آيَاتِ اللَّهِ.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى أَنَّ ينزل آية يضطرهم إِلَى الْإِيمَانِ كَنَتْقِ الْجَبَلِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ آيَةً إِنْ يَجْحَدُوهَا جَاءَهُمُ الْعَذَابُ.

وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ تِلْكَ الآية وإن صارفا من الْحِكْمَةِ صَرْفُهُ عَنْ إِنْزَالِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>