بَكْرٍ وَابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَنْ يَصِحَّ، وَمَوْضِعُ كَالَّذِي نصب قيل: عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ رَدًّا مِثْلَ رَدِّ الَّذِي وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْ كائنين كالذي والذي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُفْرَدٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَعْنَى الْجَمْعِ أَيْ كَالْفَرِيقِ الَّذِي وَقَرَأَ حَمْزَةُ اسْتَهْوَاهُ بِأَلِفٍ مُمَالَةٍ. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ: اسْتَهْوَتْهُ الشَّيْطَانُ بِالتَّاءِ وَإِفْرَادِ الشَّيْطَانِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ:
أَنَّهَا كَذَلِكَ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ انتهى. والذي نَقَلُوا لَنَا الْقِرَاءَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِنَّمَا نَقَلُوهُ الشَّيَاطِينُ جَمْعًا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: الشَّيَاطُونُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ وَقَدْ لَحَنَ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ قِيلَ:
هُوَ شَاذٌّ قَبِيحٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْأَرْضِ أَنْ يَكُونَ متعلقا باستهوته. وَقِيلَ: حَالٌ مِنْ مَفْعُولِ اسْتَهْوَتْهُ أَيْ كَائِنًا فِي الْأَرْضِ. وَقِيلَ: مِنْ حَيْرانَ. وَقِيلَ: مِنْ ضَمِيرِ حَيْرانَ وحَيْرانَ لَا يَنْصَرِفُ وَمُؤَنَّثُهُ حَيْرَى وحَيْرانَ حَالٌ مِنْ مَفْعُولِ اسْتَهْوَتْهُ. وَقِيلَ: حَالٌ مِنَ الَّذِي وَالْعَامِلُ فِيهِ الرَّدُّ الْمُقَدَّرُ وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ أَصْحابٌ حَالِيَّةٌ أَوْ صِفَةٌ لحيران أو مستأنفة وإِلَى الْهُدَى متعلق بيدعونه وَأْتِنَا مِنَ الْإِتْيَانِ. وَفِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ أَتَيْنَا فِعْلًا مَاضِيًا لَا أَمْرًا فَإِلَى الْهُدَى مُتَعَلِّقٌ بِهِ.
قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى مَنْ قَالَ: إِنَّ لَهُ أَصْحَابٌ يَعْنِي بِهِ الشَّيَاطِينَ وَإِنَّ قَوْلَهُ إِلَى الْهُدَى بِزَعْمِهِمْ كَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ رَدًّا عَلَيْهِمْ أَيْ لَيْسَ مَا زَعَمْتُمْ هُدًى بَلْ هُوَ كُفْرٌ وَإِنَّمَا الْهُدَى هُدَى اللَّهِ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَمَنْ قَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ أَصْحابٌ مَثَلٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الدَّاعِينَ إِلَى الْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ، كَانَتْ إِخْبَارًا بِأَنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ مِنْ شَاءَ لَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ دُعَائِهِمْ إِلَى الْهُدَى وُقُوعُ الْهِدَايَةِ بَلْ ذَلِكَ بِيَدِ اللَّهِ مَنْ هَدَاهُ اهْتَدَى.
وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ الظَّاهِرُ أَنَّ اللَّامَ لَامُ كَيْ وَمَفْعُولُ أُمِرْنا الثَّانِي مَحْذُوفٌ وَقَدَّرُوهُ وَأُمِرْنا بِالْإِخْلَاصِ لِكَيْ نَنْقَادَ وَنَسْتَسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَالْجُمْلَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْمَقُولِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ فَمَعْنَى أُمِرْنا قِيلَ لَنَا: أَسْلِمُوا لِأَجْلِ أَنْ نُسْلِمَ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّ لِنُسْلِمَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ وَإِنْ قَوْلَكَ: أُمِرْتُ لِأَقُومَ وَأُمِرْتُ أَنْ أَقُومَ يَجْرِيَانِ سَوَاءً وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرُ:
أُرِيدُ لِأَنْسَى ذِكْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... تَمَثَّلُ لِي لَيْلَى بِكُلِّ سَبِيلِ
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ انْتَهَى. فَعَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ تكون اللام زائدة وكون أَنْ نُسْلِمَ هُوَ مُتَعَلَّقُ أُمِرْنا عَلَى جِهَةِ أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ بَعْدَ إِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ. وَقِيلَ: اللَّامُ بِمَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute