للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَانْتَصَبَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً عطفا على اللَّيْلَ سَكَناً، وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ وَجَاعِلُ بَاسِمِ الْفَاعِلِ مُضَافًا إِلَى اللَّيْلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مَاضٍ وَلَا يَعْمَلُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ فَانْتِصَابُ سَكَناً عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ يَجْعَلُهُ سَكَنًا لَا بَاسِمَ الْفَاعِلِ هَذَا مَذْهَبُ أَبِي عَلِيٍّ فِيمَا انْتَصَبَ مَفْعُولًا ثَانِيًا بَعْدَ اسْمِ فَاعِلٍ مَاضٍ وَذَهَبَ السِّيرَافِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَنْتَصِبُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَإِنْ كَانَ مَاضِيًا لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَتْ إِضَافَتُهُ إلى الأول لم تكن أَنْ يُضَافَ إِلَى الثَّانِي فَعَمِلَ فِيهِ النَّصْبُ وَإِنْ كان ماضيا وهذه مَسْأَلَةٌ تُذْكَرُ فِي عِلْمِ النَّحْوِ وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ إعمال اسم الفاعل الماضي وَهُوَ الْكِسَائِيُّ وَهُشَامٌ فَسَكَنًا مَنْصُوبٌ بِهِ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ سَاكِنًا، قَالَ الدَّانِي:

وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ، وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ بِجَرِّ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً عطفا على اللَّيْلَ سَكَناً وَأَمَّا قِرَاءَةُ النَّصْبِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ فَعَلَى قراءة جاعل اللَّيْلِ يَنْتَصِبَانِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ وَجَعَلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَوْ يُعْطَفَانِ عَلَى مَحَلِّ اللَّيْلِ، (فَإِنْ قُلْتَ) :

كَيْفَ يَكُونُ لِلَّيْلِ مَحَلٌّ؟ وَالْإِضَافَةُ حَقِيقَةٌ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ الْمُضَافَ إِلَيْهِ فِي مَعْنَى الْمُضِيِّ وَلَا تَقُولُ زِيدٌ ضَارِبٌ عَمْرًا أَمْسِ (قُلْتُ) : مَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَاضِي وَإِنَّمَا هُوَ دَالٌّ عَلَى جَعْلٍ مُسْتَمِرٍّ فِي الْأَزْمِنَةِ انْتَهَى، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ لَيْسَ اسْمَ فَاعِلٍ مَاضِيًا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَامِلًا فَيَكُونُ لِلْمُضَافِ إِلَيْهِ مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ الْمَاضِيَ لَا يَعْمَلَ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّمَا هُوَ دَالٌّ عَلَى جَعْلٍ مُسْتَمِرٍّ فِي الْأَزْمِنَةِ يَعْنِي فَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ عَامِلًا وَيَكُونُ لِلْمَجْرُورِ بَعْدَهُ مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ فَيُعْطَفُ عَلَيْهِ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ إِذَا كَانَ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ خَاصٍّ وَإِنَّمَا هُوَ لِلِاسْتِمْرَارِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ وَلَا لِمَجْرُورِهِ مَحَلٌّ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى ذَلِكَ وَأَنْشَدُوا:

أَلْقَيْتَ كَاسِبَهَمْ فِي قَعْرٍ مَظْلَمَةٍ فَلَيْسَ الْكَاسِبُ هُنَا مُقَيَّدًا بِزَمَانٍ وَإِذَا تَقَيَّدَ بِزَمَانٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَاضِيًا دُونَ أَلْ فَلَا يَعْمَلُ إِذْ ذَاكَ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَوْ بِأَلْ أَوْ حَالًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا فَيَجُوزُ إِعْمَالُهُ، وَالْإِضَافَةُ إِلَيْهِ عَلَى مَا أُحْكِمَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ وَفُصِّلَ وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ حَالًا عَلَى الِاسْتِمْرَارِ فِي الْأَزْمِنَةِ وَتَعْمَلُ فَلَا يَجُوزُ الْعَطْفُ عَلَى مَحَلِّ مَجْرُورِهِ بَلْ لَوْ كَانَ حَالًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَهُوَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، فَلَوْ قُلْتَ: زَيْدٌ ضَارِبٌ عمرو الآن أو غدا أو خالدا لَمْ يَجُزْ أَنْ تَعْطِفَ وَخَالِدًا. عَلَى مَوْضِعِ عَمْرٍو على مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ بَلْ تُقَدِّرُهُ وَتَضْرِبُ خَالِدًا لِأَنَّ شَرْطَ الْعَطْفِ عَلَى الْمَوْضِعِ مَفْقُودٌ فِيهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ مُحْرِزًا لَا يَتَغَيَّرُ، وَهَذَا مُوَضَّحٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>