عِلْمِ النَّحْوِ وَقُرِئَ شَاذًّا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بِرَفْعِهِمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مَجْعُولَانِ حُسْبَانًا أَوْ مَحْسُوبَانِ حُسْبَانًا.
ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ أَيْ ذَلِكَ الْجَعْلُ أَوْ ذَلِكَ الْفَلْقُ وَالْجَعْلُ أَوْ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى جَمِيعِ الْأَخْبَارِ مِنْ قَوْلِهِ: فالِقُ الْحَبِّ إِلَى آخِرِهَا تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْغَالِبِ الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ فِي تَسْخِيرِهِ وَقَهْرِهِ الْعَلِيمِ الَّذِي لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا وَفِي جَعْلِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِتَقْدِيرِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُخْتَصُّ الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ لَا أَنَّ ذَلِكَ فِيهَا بِالطَّبْعِ وَلَا بِالْخَاصِّيَّةِ.
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ نَبَّهَ عَلَى أَعْظَمِ فَوَائِدِ خَلْقِهَا وَهِيَ الْهِدَايَةُ لِلطُّرُقِ وَالْمَسَالِكِ وَالْجِهَاتِ الَّتِي تُقْصَدُ وَالْقُبْلَةِ إِذْ حَرَكَاتُ الْكَوَاكِبِ فِي اللَّيْلِ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الْقِبْلَةِ كَمَا يُسْتَدَلُّ بِحَرَكَةِ الشَّمْسِ فِي النَّهَارِ عَلَيْهَا، وَالْخِطَابُ عَامٌّ لكل الناس ولِتَهْتَدُوا مُتَعَلِّقٌ بِجَعَلَ مُضْمِرَةٍ لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ لَكُمُ أَيْ جَعَلَ ذَلِكَ لِاهْتِدَائِكُمْ وجَعَلَ مَعْنَاهَا خَلَقَ فَهِيَ تَتَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى صَيَّرَ وَيُقَدَّرُ الْمَفْعُولُ الثَّانِي مِنْ لِتَهْتَدُوا أَيْ جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ هِدَايَةً انْتَهَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِنَدُورِ حَذْفِ أَحَدِ مَفْعُولَيْ بَابِ ظَنَّ وَأَخَوَاتِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظُّلُمَاتِ هُنَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ: يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الظُّلُمَاتُ هُنَا الشَّدَائِدَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَّفِقُ أَنْ يُهْتَدَى فِيهَا بِهَا، وَأَضَافَ الظُّلُمَاتِ إِلَى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ لِمُلَابَسَتِهَا لَهُمَا أَوْ شَبَّهَ مُشْتَبَهَاتِ الطُّرُقِ بِالظُّلُمَاتِ وَذَكَرَ تَعَالَى النُّجُومَ فِي كِتَابِهِ لِلزِّينَةِ وَالرَّحِمِ وَالْهِدَايَةِ فَمَا سِوَى ذَلِكَ اخْتِلَاقٌ عَلَى اللَّهِ وَافْتِرَاءٌ.
قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أَيْ بَيَّنَّا وَقَسَّمْنَا وَخَصَّ مَنْ يَعْلَمُ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَنْتَفِعُونَ بِتَفْصِيلِهَا وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَمُعْرِضُونَ عَنِ الْآيَاتِ وَعَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا.
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَهِيَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْقَافِ جَعَلُوهُ مَكَانًا أَيْ مَوْضِعَ اسْتِقْرَارٍ وَمَوْضِعَ اسْتِيدَاعٍ أَوْ مَصْدَرًا أَيْ فَاسْتِقْرَارٌ وَاسْتِيدَاعٌ وَلَا يَكُونُ مُسْتَقَرٌّ اسْمَ مَفْعُولٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى فِعْلُهُ فَيُبْنَى مِنْهُ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِكَسْرِ الْقَافِ اسْمَ فَاعِلٍ وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ يَكُونُ مُسْتَوْدَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ اسْمَ مَفْعُولٍ لَمَّا ذَكَرَ إِنْشَاءَهُمْ ذَكَرَ انْقِسَامَهُمْ إِلَى مُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ أَيْ فَمِنْكُمْ مُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ، وَرَوَى هَارُونُ الْأَعْوَرُ عَنْ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute