للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ قِبَلَا بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، وَمَعْنَاهُ مُقَابَلَةً أَيْ عِيَانًا وَمُشَاهَدَةً.

قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ.

وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: مَعْنَاهُ نَاحِيَةً كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ قِبَلَكَ، وَلِي قِبَلَ فُلَانٍ دَيْنٌ، فَانْتِصَابُهُ عَلَى الظَّرْفِ وَفِيهِ بُعْدٌ.

وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ قُبُلًا بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ. فَقَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ:

جَمْعُ قَبِيلٍ وَهُوَ النَّوْعُ، أَيْ نَوْعًا نَوْعًا وَصِنْفًا صِنْفًا.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: جَمْعُ قَبِيلٍ بِمَعْنَى كَفِيلٍ أَيْ: كُفُلًا بِصِدْقِ مُحَمَّدٍ. يُقَالُ قَبِلْتُ الرَّجُلَ أَقْبَلُهُ قُبَالَةً، أَيْ كَفُلْتُ بِهِ وَالْقَبِيلُ وَالْكَفِيلُ وَالزَّعِيمُ وَالْأَدِينُ وَالْحَمِيلُ وَالضَّمِينُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقِيلَ قُبُلَا بِمَعْنَى قِبَلًا أَيْ مُقَابَلَةً وَمُوَاجَهَةً. وَمِنْهُ أَتَيْتُكَ قُبُلًا لَا دُبُرًا. أَيْ مِنْ قِبَلِ وَجْهِكَ. وَقَالَ تَعَالَى: إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ «١» وَقُرِئَ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ: أَيْ لِاسْتِقْبَالِهَا وَمُوَاجَهَتِهَا. وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي أَحْسَنُ لِاتِّفَاقِ الْقِرَاءَتَيْنِ.

وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ وَأَبُو حَيْوَةَ، قُبْلًا بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ عَلَى جِهَةِ التَّخْفِيفِ مِنَ الضَّمِّ.

وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَالْأَعْمَشُ قَبِيلًا بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَيَاءٍ بَعْدَهَا، وَانْتِصَابُهُ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْحَالِ.

وَقَرَأَ ابْنُ مُصَرِّفٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَجَوَابُ لَوْ مَا كانُوا لِيُؤْمِنُوا وَقَدَّرَهُ الْحَوْفِيُّ لَمَا كَانُوا قَالَ: وَحُذِفَتِ اللَّامُ وَهِيَ مُرَادُهُ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ المنفي بما إذا وقع جوابا للو فَالْأَكْثَرُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، أَنْ لَا تَدْخُلَ اللَّامُ عَلَى مَا وَقَلَّ دُخُولُهَا على ما، فلا تقول إِنَّ اللَّامَ حُذِفَتْ مِنْهُ بَلْ إِنَّمَا أَدْخَلُوهَا عَلَى مَا تَشْبِيهًا لِلْمَنْفِيِّ بِمَا بِالْمُوجَبِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا كان النفي بلم لَمْ تَدْخُلِ اللَّامُ عَلَى لَمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أصل للمنفي أن لا تدخل عليه اللام وما كانُوا لِيُؤْمِنُوا أَبْلَغُ فِي النَّفْيِ مِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا لِأَنَّ فِيهِ نَفْيَ التَّأَهُّلِ وَالصَّلَاحِيَةِ لِلْإِيمَانِ، وَلِذَلِكَ جَاءَتْ لَامُ الْجُحُودِ فِي الْخَبَرِ وإلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ مِنْ مَحْذُوفٍ هُوَ عِلَّةٌ.

وَسَبَبٌ التَّقْدِيرُ مَا كانُوا لِيُؤْمِنُوا لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا لِمَشِيئَةِ اللَّهِ. وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ فِي كُلِّ


(١) سورة يوسف: ١٢/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>