للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ قَرَأَ الْأَخَوَانِ وَأَنَّ هَذَا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، فَاتَّبِعُوهُ جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا وَخَفَّفَ ابْنُ عَامِرٍ النُّونَ وَشَدَّدَهَا الْبَاقُونَ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وإن كقراءة ابن عمر، فَأَمَّا تَخْفِيفُ النُّونِ فَعَلَى أَنَّهُ حُذِفَ اسْمُ إِنَّ وَهُوَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَخَرَجَتْ قِرَاءَةُ فَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا حُذِفَ مِنْهَا اللَّامُ تَقْدِيرُهُ وَلِأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ كَقَوْلِهِ: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «١» وَقَدْ صَرَّحَ بِاللَّامِ فِي قَوْلِهِ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ لْيَعْبُدُوا

«٢» . قَالَ الْفَارِسِيَّ: قِيَاسُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ فِي فَتْحِ الْهَمْزَةِ أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ زَائِدَةً بِمَنْزِلَتِهَا فِي زَيْدٌ فَقَامَ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى أَلَّا تُشْرِكُوا أَيْ أَتْلُ عَلَيْكُمْ نَفْيَ الْإِشْرَاكِ وَالتَّوْحِيدَ وَأَتْلُ عَلَيْكُمْ أَنَّ هَذَا صِرَاطِي وَهَذَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ في أَلَّا تُشْرِكُوا مَصْدَرِيَّةٌ قَالَهُ الْحَوْفِيُّ هَكَذَا قَرَّرُوا هَذَا الْوَجْهَ فَجَعَلُوهُ مَعْطُوفًا عَلَى الْبَدَلِ مِمَّا حَرَّمَ وَهُوَ أَنْ لَا تُشْرِكُوا. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: إِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ أَيْ أَتْلُ الَّذِي حَرَّمَ وَأَتْلُ أَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً وَهُوَ تَخْرِيجٌ سَائِغٌ فِي الْكَلَامِ، وَعَلَى هَذَا فَالصِّرَاطُ مُضَافٌ لِلْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِرَاطُهُ هُوَ صِرَاطُ اللَّهِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي بِهِ قَالَهُ الْفَرَّاءُ، أَيْ وَصَّاكُمْ بِهِ وبأن


(١) سورة الجن: ٧٢/ ١٨.
(٢) سورة قريش: ١٠٦/ ١- ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>