للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا أَيْ فِي دَفْعِ مَا تَوَعَّدْتُمُونَا بِهِ وَفِي حِمَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ وَفِي ذَلِكَ اسْتِسْلَامٌ الله وَتَمَسُّكٌ بِلُطْفِهِ وَذَلِكَ يُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ فِي إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يُثَبِّتُنَا عَلَى الْإِيمَانِ وَيُوَفِّقُنَا لِازْدِيَادِ الْإِيقَانِ.

رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ أَيِ احْكُمْ وَالْفَاتِحُ وَالْفَتَّاحُ الْقَاضِي بِلُغَةِ حِمْيَرَ وَقِيلَ بِلُغَةِ مُرَادٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:

أَلَا أَبْلِغْ بَنِي عُصَمٍ رَسُولًا ... فَإِنِّي عَنْ فُتَاحَتِكُمْ غَنِيُّ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كُنْتُ أَعْرِفُ مَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ حَتَّى سَمِعْتُ بِنْتَ ذِي يَزَنَ تَقُولُ لِزَوْجِهَا تَعَالَ أُفَاتِحْكَ أَيْ أُحَاكِمْكَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ أَهْلُ عُمَانَ يُسَمُّونَ الْقَاضِيَ الْفَاتِحَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ وَابْنُ بَحْرٍ: احْكُمْ بَيْنَنَا، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَظْهِرْ أَمْرَنَا حَتَّى يَنْفَتِحَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا وَيَنْكَشِفَ ذَلِكَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْزِلَ بِعَدُوِّهِمْ مِنَ الْعَذَابِ مَا يَظْهَرُ بِهِ أَنَّ الْحَقَّ مَعَهُمْ،

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَلَمَّا طَالَ تَمَادَى قَوْمُهُ فِي كُفْرِهِمْ وَيَئِسَ مِنْ صَلَاحِهِمْ دَعَا عَلَيْهِمْ فَاسْتَجَابَ دُعَاءَهُ وَأَهْلَكَهُمْ بِالرَّجْفَةِ

، وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ كُلَّ نَبِيٍّ أَرَادَ هَلَاكَ قَوْمِهِ أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ اسْتَجَابَ لَهُ فَأَهْلَكَهُمْ.

وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَيْ كُبَرَاؤُهُمْ لِأَتْبَاعِهِمْ تَثْبِيطًا عَنِ الْإِيمَانِ: لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإِنْ قُلْتَ) : مَا جَوَابُ الْقَسَمِ الَّذِي وَطَّأَتْهُ اللَّامُ فِي لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ وَجَوَابُ الشَّرْطِ؟ (قُلْتُ) : قَوْلُهُ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ سَادٌّ مَسَدَّ الْجَوَابَيْنِ انْتَهَى، وَالَّذِي تَقُولُ النَّحْوِيُّونَ أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ جَوَابِ الْقَسَمِ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ وَجَبَ مُضِيُّ فِعْلِ الشَّرْطِ فَإِنْ عَنَى الزَّمَخْشَرِيُّ بِقَوْلِهِ سَادٌّ مَسَدَّ الْجَوَابَيْنِ إِنَّهُ اجْتُزِئَ بِهِ عَنْ ذِكْرِ جَوَابِ الشَّرْطِ فَهُوَ قَرِيبٌ وَإِنْ عَنَى بِهِ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الصِّنَاعَةِ النَّحْوِيَّةِ فَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ وَأَنْ يَكُونُ لَهَا مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ وإِذاً هُنَا مَعْنَاهَا التَّوْكِيدُ وَهِيَ الْحَرْفُ الَّذِي هُوَ جَوَابٌ وَيَكُونُ مَعَهُ الْجَزَاءُ وَقَدْ لَا يَكُونُ وَزَعَمَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنَّهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ظَرْفٌ الْعَامِلُ فِيهِ لَخاسِرُونَ وَالنُّونُ عِوَضٌ مِنَ الْمَحْذُوفِ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّكُمْ إِذَا اتَّبَعْتُمُوهُ لَخَاسِرُونَ فَلَمَّا حَذَفَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ عَوَّضَ مِنْ ذَلِكَ النُّونَ فَصَادَفَتِ الْأَلِفَ فَالْتَقَى سَاكِنَانِ فَحُذِفَ الْأَلِفُ لِالْتِقَائِهِمَا وَالتَّعْوِيضُ فِيهِ مِثْلُ التَّعْوِيضِ فِي يَوْمِئِذٍ وَحِينَئِذٍ وَنَحْوِهِ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَذَا الزَّاعِمُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتِ التَّعْوِيضُ وَالْحَذْفُ فِي إِذاً الَّتِي لِلِاسْتِقْبَالِ فِي مَوْضِعٍ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَيْهِ، لَخاسِرُونَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَغْبُونُونَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: جَاهِلُونَ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: عَجَزَةٌ، وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>