للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ أَيْ قَالَ مَنْ حَضَرَ مُنَاظَرَةَ مُوسَى مِنْ عُقَلَاءِ مَلَأِ فِرْعَوْنَ وَأَشْرَافِهِ قِيلَ: وَلَمْ يَكُنْ يُجَالِسُ فِرْعَوْنَ وَلَدُ غَيَّةٍ وَإِنَّمَا كَانُوا أَشْرَافًا وَلِذَلِكَ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِالْإِرْجَاءِ وَلَمْ يُشِيرُوا بِالْقَتْلِ وَقَالُوا: إِنْ قَتَلْتَهُ دَخَلَتْ عَلَى النَّاسِ شُبْهَةٌ وَلَكِنِ اغْلِبْهُ بالحجة وقرىء بِالْهَمْزِ وَبِغَيْرِ هَمْزٍ فَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ الْمَعْنَى احْبِسْهُ، وَقِيلَ أَرْجِهْ بِغَيْرِ هَمْزٍ أَطْمِعْهُ جَعَلَهُ مِنْ رَجَوْتَ أَدْخَلَ عَلَيْهِ هَمْزَةَ الْفِعْلِ أَيْ أَطْمِعْهُ وَأَخاهُ وَلَا تَقْتُلْهُمَا حَتَّى يَظْهَرَ كَذِبَهُمَا فَإِنَّكَ إِنْ قَتَلْتَهُمَا ظُنَّ أَنَّهُمَا صَدَقَا وَلَمْ يَجْرِ لِهَارُونَ ذِكْرٌ فِي صَدْرِ الْقِصَّةِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ غَيْرِ آيَةٍ أَنَّهُمَا ذَهَبَا مَعًا وَأُرْسِلَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَلَمَّا كَانَ مُوَافِقًا لَهُ فِي دَعْوَاهُ وَمُؤَازِرًا أَشَارُوا بِإِرْجَائِهِمَا، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَهِشَامٌ أَرْجِئْهُو بِالْهَمْزِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَوَصْلِهَا بِوَاوٍ، وَأَبُو عَمْرٍو كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ هِشَامٍ وَعَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَقَرَأَ وَرْشٌ وَالْكِسَائِيُّ أَرْجِهِي بِغَيْرِ هَمْزٍ وَبِكَسْرِ الْهَاءِ وَوَصْلِهَا بِيَاءٍ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَسَكَّنَا الْهَاءَ وَقَرَأَ قَالُونُ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَمُخْتَلِسٌ كَسْرَةَ الْهَاءِ، وَقَرَأَ ابْنُ ذَكْوَانَ فِي رِوَايَةٍ كَقِرَاءَةِ وَرْشٍ وَالْكِسَائِيِّ وَفِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ أَرْجِئْهِ بِالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْهَاءِ مِنْ غَيْرِ صِلَةٍ، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ أَنَّهُ يَصِلُهَا بِيَاءٍ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ أَرْجِئْهِ بِكَسْرِ الْهَاءِ بِهَمْزَةٍ قَبْلَهَا، قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَهَذَا غَلَطٌ انْتَهَى، وَنِسْبَةُ ابْنُ عَطِيَّةَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لِابْنِ عَامِرٍ لَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ الَّذِي رَوَى ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ ابْنُ ذَكْوَانَ لَا هِشَامٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ فَيَقُولَ وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ ذَكْوَانَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ ضَمُّ الْهَاءِ مَعَ الْهَمْزِ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ قَالَ: وَرِوَايَةُ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ غَلَطٌ وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ بَعْدَهُ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْهَاءَ لَا تُكْسَرُ إِلَّا إِذَا وَقَعَ قَبْلَهَا كَسْرَةٌ أَوْ يَاءٌ سَاكِنَةٌ، وَقَالَ الْحَوْفِيُّ: وَمِنَ الْقُرَّاءِ مَنْ يَكْسِرُ مَعَ الْهَمْزِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الْهَاءِ مَعَ الْهَمْزِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْهَمْزَ حَرْفٌ صَحِيحٌ سَاكِنٌ فَلَيْسَ قَبْلَ الْهَاءِ مَا يَقْتَضِي الْكَسْرَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَتْبَعَ الْهَاءَ كَسْرَةَ الْجِيمِ وَالْحَاجِزُ غَيْرُ حَصِينٍ وَيَخْرُجُ أَيْضًا عَلَى تَوَهُّمِ إِبْدَالِ الْهَمْزِ يَاءً أَوْ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَ لَمَّا كَانَ كَثِيرًا مَا يُبَدَّلُ بِحَرْفِ الْعِلَّةِ أُجْرِي مَجْرَى حَرْفِ الْعِلَّةِ فِي كَسْرِ مَا بَعْدَهُ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفَارِسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ غَلَطِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، وَأَنَّهَا لَا تَجُوزُ قَوْلٌ فَاسِدٌ لِأَنَّهَا قِرَاءَةٌ ثَابِتَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ رَوَتْهَا الْأَكَابِرُ عَنِ الْأَئِمَّةِ وَتَلَقَّتْهَا الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَلَهَا تَوْجِيهٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَيْسَتِ الْهَمْزَةُ كَغَيْرِهَا مِنَ الْحُرُوفِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّغْيِيرِ بِالْإِبْدَالِ وَالْحَرْفِ بِالنَّقْلِ وَغَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ.

وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ الْمَدائِنِ مَدَائِنُ مِصْرَ وَقُرَاهَا وَالْحَاشِرُونَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُمْ أَصْحَابُ الشُّرَطِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لَمَّا رَأَى فِرْعَوْنَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا رَأَى قَالَ: لَنْ نُغَالِبَ مُوسَى إِلَّا بِمَنْ هُوَ منه فاتخذ غلمانا

<<  <  ج: ص:  >  >>