الْإِمَامِ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْغَسَّانِيِّ الْجَيَّانِيِّ قَالَ قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي مَرْوَانَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سِرَاجِ بن عبد الله بن سِرَاجٍ الْقُرْطُبِيِّ قَالَ قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْإِفْلِيلِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ الْعَاصِمِيِّ عَنِ الرَّبَاحِيِّ بِسَنَدِهِ، وَلِلزَّمَخْشَرِيِّ قَصِيدٌ يَمْدَحُ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَكِتَابَهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَاظِرٌ فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ بِخِلَافِ مَا كَانَ يَعْتَقِدُ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ أَنَّهُ إِنَّمَا نَظَرَ فِي نُتَفٍ مِنْ كَلَامِ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ وَابْنِ جِنِّي وَقَدْ صَنَّفَ أَبُو الْحَجَّاجِ يُوسُفُ بْنُ مَعْزُوزٍ كِتَابًا فِي الرَّدُّ عَلَى الزَّمَخْشَرِيِّ فِي كِتَابِ الْمُفَصَّلِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَغْلَاطِهِ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا إِمَامَ الصِّنَاعَةِ أَبَا بِشْرٍ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ سِيبَوَيْهِ رَحِمَ اللَّهُ جَمِيعَهُمْ.
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ قَالَ الْأَخْفَشُ الطُّوفانَ جَمْعُ طُوفَانَةٍ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَهُوَ عِنْدُ الْكُوفِيِّينَ مَصْدَرٌ كَالرُّجْحَانِ، وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ فِي مَصْدَرِ طَافَ طَوْفًا وَطَوَافًا وَلَمْ يَحْكِ طَوَفَانًا وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَصْدَرًا فَلَا يُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَصْدَرُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الْمَاءُ الْمُغْرِقُ، وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو مَالِكٍ وَمُقَاتِلٌ هُوَ الْمَطَرُ أُرْسِلَ عَلَيْهِمْ دَائِمًا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ وَابْنُ قُتَيْبَةَ، وَقِيلَ ذَلِكَ مَعَ ظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ لَا يَرَوْنَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِ. وَقِيلَ أُمْطِرُوا حَتَّى كَادُوا يَهْلِكُونَ وَبُيُوتُ الْقِبْطِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مُشْتَبِكَةٌ فَامْتَلَأَتْ بُيُوتُ الْقِبْطِ مَاءً حَتَّى قَامُوا فِيهِ إِلَى تَرَاقِيهِمْ فَمَنْ جَلَسَ غَرِقَ وَلَمْ يَدْخُلْ بُيُوتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَطْرَةٌ وَفَاضَ الْمَاءُ عَلَى وَجْهِ أَرْضِهِمْ وَرَكَدَ فَمَنَعَهُمْ مِنَ الْحَرْثِ وَالْبِنَاءِ وَالتَّصَرُّفِ وَدَامَ عَلَيْهِمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَقِيلَ طَمَّ فَيْضُ النِّيلِ عَلَيْهِمْ حَتَّى مَلَأَ الْأَرْضَ سَهْلًا وَجَبَلًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَطُوفُ إِلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْعَرَبِ لَهُ أَكْثَرُ فِي الْمَاءِ وَالْمَطَرِ الشَّدِيدِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
غَيَّرَ الْجِدَّةَ مِنْ عِرْفَانِهِ ... خُرُقُ الرِّيحِ وطوفان المطر
وَمَدَّ طُوفَانٌ مُبِيدٌ مَدَدًا ... شَهْرًا شَآبِيبَ وَشَهْرًا بَرَدَا
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَوَهْبٌ وَابْنُ كَثِيرٍ هُوَ هُنَا الْمَوْتُ الْجَارِفُ وَرَوَتْهُ عَائِشَةٌ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَوْ صَحَّ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَنُقِلَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَوَهْبٍ إِنَّهُ الطَّاعُونُ بِلُغَةِ الْيَمَنِ، وَقَالَ أَبُو قَلَابَةَ هُوَ الْجُدَرِيُّ وَهُوَ أَوَّلُ عَذَابٍ وَقَعَ فِيهِمْ فَبَقِيَ فِي الْأَرْضِ. وَقِيلَ هُوَ عَذَابٌ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فَطَافَ بِهِمْ،
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مُعَمًّى عُنِيَ بِهِ شَيْءٌ أَطَافَهُ اللَّهُ بِهِمْ فَقَالُوا لِمُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفْ عَنَّا وَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِكَ فَدَعَا فَرَفَعَ عَنْهُمْ فَمَا آمَنُوا فَنَبَتَ لَهُمْ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute