للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقًّا، وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَابْنُ كَثِيرٍ وَالْحَسَنُ وَالْأَعْمَشُ نَغْفِرْ بِالنُّونِ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ جَمْعُ سَلَامَةٍ إِلَّا أَنَّ الْحَسَنَ خَفَّفَ الْهَمْزَةَ وَأَدْغَمَ الْيَاءَ فِيهَا، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو نَغْفِرْ بِالنُّونِ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ عَلَى وَزْنِ قَضَايَاكُمْ، وَقَرَأَ نَافِعٌ وَمَحْبُوبٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو تُغْفَرْ بِالتَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ جَمْعُ سَلَامَةٍ وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ تُغْفَرْ بِتَاءٍ مَضْمُومَةٍ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لَكُمْ خَطِيئَتُكُمْ عَلَى التَّوْحِيدِ مَهْمُوزًا. وَقَرَأَ ابْنُ هُرْمُزٍ تَغْفِرْ بِتَاءٍ مَفْتُوحَةٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْحِطَّةَ تَغْفِرُ إِذْ هِيَ سَبَبُ الْغُفْرَانِ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وفَبَدَّلَ غَيَّرَ اللَّفْظَ دُونَ أَنْ يَذْهَبَ بِجَمِيعِهِ وَأَبْدَلَ إِذَا ذَهَبَ بِهِ وَجَاءَ بِلَفْظٍ آخَرَ انْتَهَى، وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَقَدْ جَاءَ فِي الْقِرَاءَاتِ بَدَّلَ وَأَبْدَلَ بمعنى واحد قرىء: فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً «١» وعَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً «٢» عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها «٣» بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَهُوَ إِذْهَابُ الشَّيْءِ وَالْإِتْيَانُ بِغَيْرِهِ بَدَلًا مِنْهُ ثُمَّ التَّشْدِيدُ قَدْ جَاءَ حَيْثُ يَذْهَبُ الشَّيْءُ كُلُّهُ قَالَ تَعَالَى: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ «٤» وبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ «٥» ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ «٦» وَعَلَى هَذَا كلام العرب نثرها ونظمها.

وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ.

الضَّمِيرُ فِي وَسْئَلْهُمْ عَائِدٌ عَلَى مَنْ بِحَضْرَةِ الرَّسُولِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ مِنَ الْيَهُودِ

وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْيَهُودِ الْمُعَارِضِينَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالُوا لَهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِصْيَانٌ وَلَا مُعَانَدَةٌ لِمَا أُمِرُوا بِهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ

مُوَبِّخَةً لَهُمْ وَمُقَرِّرَةً كَذِبَهُمْ وَمُعَلِّمَةً مَا جَرَى عَلَى أَسْلَافِهِمْ مِنَ الْإِهْلَاكِ وَالْمَسْخِ وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَكْتُمُ هَذِهِ الْقِصَّةَ فَهِيَ مِمَّا لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ وَحْيٍ فَإِذَا أَعْلَمَهُمْ بِهَا مَنْ لَمْ يَقْرَأْ كِتَابَهُمْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ، وَقَوْلُهُ عَنِ الْقَرْيَةِ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ عَنْ أهل لقرية والْقَرْيَةِ إِيلَةُ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَعِكْرِمَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ وَالثَّوْرِيُّ، أَوْ مَدْيَنُ وَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ سَاحِلُ مَدْيَنَ، وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَقَالَ هِيَ مَقْنَى بِالْقَافِ سَاكِنَةً، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هِيَ مَقْنَاةُ سَاحِلِ مَدْيَنَ، وَيُقَالُ: لَهَا مَعَنَّى بِالْعَيْنِ مَفْتُوحَةً وَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ أَوْ طَبَرِيَّةُ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ أَوْ أَرِيحَا أَوْ بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِقَوْلِهِ حاضِرَةَ الْبَحْرِ أَوْ قَرْيَةٌ بِالشَّامِ لَمْ تُسَمَّ بِعَيْنِهَا وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ: ومعنى حَاضِرَةَ الْبَحْرِ بِقُرْبِ الْبَحْرِ مَبْنِيَّةً بِشَاطِئِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يريد معنى الحاضرة


(١) سورة الكهف: ١٨/ ٨١.
(٢) سورة التحريم: ٦/ ٥.
(٣) سورة القلم: ٦٨/ ٣٢.
(٤) سورة الفرقان: ٢٥/ ٧٠.
(٥) سورة سبأ: ٣٤/ ١٦.
(٦) سورة الأعراف: ٧/ ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>