للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ وَتَبْشِيرِهَا بِهِ، وَذِكْرِ صِفَاتِهِ فَلَمَّا بُعِثَ كَفَرُوا بِهِ فَذَكَرُوا أَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ هُوَ طَرِيقَةٌ لِأَسْلَافِهِمُ اتَّبَعُوهَا وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذَا الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ آيَاتِهِ فَانْسَلَخَ مِنْها فَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ كُلُّ مَنِ انْسَلَخَ مِنَ الْحَقِّ بَعْدَ أَنْ أُعْطِيَهُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْحُنَفَاءِ، وَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: هُمْ قُرَيْشٌ أَتَتْهُمْ أَوَامِرُ اللَّهِ وَنَوَاهِيهِ وَالْمُعْجِزَاتُ فَانْسَلَخُوا مِنَ الْآيَاتِ وَلَمْ يَقْبَلُوهَا فَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَكُونُ الَّذِي مُفْرَدًا أُرِيدَ بِهِ الْجَمْعُ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ، فَقِيلَ: هُوَ بُلْعُمٌ، وَقِيلَ: هُوَ بِلْعَامٌ وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ أُوتِيَ بَعْضَ كُتُبِ اللَّهِ، وَقِيلَ: كَانَ يَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِيهِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هُوَ أَبْرَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَاعُورَاءُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: بَاعْرُوَيْهِ رُوِيَ أَنَّ قَوْمَهُ طَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ فَأَبَى وَقَالَ: كَيْفَ أَدْعُو عَلَى مَنْ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ حَتَّى فَعَلَ وَقَدْ طَوَّلَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قِصَّتِهِ وَذَكَرُوا مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَقِيلَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ،

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: بَعَثَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ نَحْوَ مَدْيَنَ دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى شَرِيعَتِهِ وَعَلِمَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَا يَدَّعُونَهُ فَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ فَلَمَّا فَارَقَ دِينَ مُوسَى سَلَخَ اللَّهُ مِنْهُ الْآيَاتِ

، وَقِيلَ: اسْمُهُ نَاعِمٌ كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَى وَكَانَ بِحَبْتَ اسْمُ بَلَدٍ كَانَ إِذَا نَظَرَ رَأَى الْعَرْشَ وَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَحْبَرَةٍ لِلْمُتَعَلِّمِينَ يَكْتُبُونَ عَنْهُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ كِتَابًا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَالَمِ صَانِعٌ، وَقِيلَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أُعْطِيَ ثَلَاثَ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَةٍ يَدْعُو بِهَا فِي مَصَالِحِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهَا كُلَّهَا لِامْرَأَتِهِ وَكَانَتْ قَبِيحَةً فَسَأَلَتْهُ فَدَعَا اللَّهَ فَجَعَلَهَا جَمِيلَةً فَمَالَتْ إِلَى غَيْرِهِ فَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا فَصَارَتْ كَلْبَةً نَبَّاحَةً وَكَانَ لَهُ مِنْهَا بَنُونَ فَتَضَّرَّعُوا إِلَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ فَصَارَتْ إِلَى حَالَتِهَا الْأُولَى.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمرو بن الْعَاصِ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَأَبُو رَوْقٍ: وهو أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيُّ قَرَأَ الْكُتُبَ وَعَلِمَ أَنَّهُ سَيُبْعَثُ نَبِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ وَرَجَا أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ وَكَانَ يَنْظِمُ الشِّعْرَ فِي الْحِكَمِ وَالْأَمْثَالِ فَلَمَّا بَعْثَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَدَهُ وَوَفَدَ عَلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ

وَرُوِيَ أَنَّهُ جَاءَ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ فَوَصَلَ إِلَى بَدْرٍ بَعْدَ الْوَقْعَةِ بِيَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ فَقِيلَ: مُحَمَّدٌ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي بِدِينِ مَنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ فَارْتَدَّ وَرَجَعَ وَقَالَ: الْآنَ حَلَّتْ لِيَ الْخَمْرُ وَكَانَ قَدْ حَرَّمَ الْخَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَحِقَ بِقَوْمٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ فَنَادَمَهُمْ حَتَّى مَاتَ وَقَدِمَتْ أُخْتُهُ فَارِعَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَاسْتَنْشَدَهَا مِنْ شِعْرِهِ فَأَنْشَدَتْهُ عدّة قصائد فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

آمَنَ شِعْرُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ تَعَالَى وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها.

<<  <  ج: ص:  >  >>