واتَّقَوْا قِيلَ: عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَا يُتَّقَى، وَقِيلَ: الشِّرْكَ وَالْمَعَاصِيَ، وَقِيلَ: عِقَابَ اللَّهِ، وَقَرَأَ النَّحْوِيَّانِ وَابْنُ كَثِيرٍ: طَيْفٌ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِنْ طَافَ يَطِيفُ طَيْفًا أَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
أَنَّى أَلَمَّ بِكَ الخيال يطيف ... ومطابه لك ذكره وشغوف
وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُخَفَّفًا مِنْ طَيِّفٍ كَمَيِّتٍ وَمَيْتٍ أَوْ كَلَيْنٍ مِنْ لَيِّنٍ لِأَنَّ طَافَ الْمُشَدَّدَةَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَافَ يَطِيفُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَافَ يَطُوفُ، وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ طائِفٌ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ طَافَ، وَقَرَأَ ابْنُ جُبَيْرٍ طَيِّفٌ بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ فَيْعِلٌ وَإِلَى أَنَّ الطَّيْفَ مَصْدَرٌ مَالَ الْفَارِسِيُّ جَعَلَ الطَّيْفَ كَالْخَطِرَةِ وَالطَّائِفَ كَالْخَاطِرِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الطَّيْفُ اللَّمَمُ وَالطَّائِفُ مَا طَافَ حَوْلَ الْإِنْسَانِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَكَيْفَ هَذَا؟ وَقَدْ قَالَ الْأَعْشَى:
وَتُصْبِحُ عَنْ غَبِّ السُّرَى وَكَأَنَّهَا ... أَلَمَّ بِهَا مِنْ طَائِفِ الْجِنِّ أَوْلَقُ
انْتَهَى. وَلَا يُتَعَجَّبُ مِنْ تَفْسِيرِ الْكِسَائِيِّ الطَّائِفَ بِأَنَّهُ مَا طَافَ حَوْلَ الْإِنْسَانِ بِهَذَا الْبَيْتِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ فِيهِ مَعْنَى مَا قَالَهُ الْكِسَائِيُّ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ تَعَجُّبُهُ وَإِنْكَارُهُ مِنْ حَيْثُ خُصِّصَ الْإِنْسَانُ وَالَّذِي قَالَهُ الْأَعْشَى تَشْبِيهٌ لِأَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا وَإِنْ كَانَ تَعَجُّبُهُ مِنْ حَيْثُ فَسَّرَ بِأَنَّهُ مَا طَافَ حَوْلَ الْإِنْسَانِ، فَطَائِفُ الْجِنِّ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ طَافَ حَوْلَ الْإِنْسَانِ وَشَبَّهَ هُوَ النَّاقَةَ فِي سُرْعَتِهَا وَنَشَاطِهَا وَقَطْعِهَا الْفَيَافِيَ عَجِلَةً بِحَالَتِهَا إِذَا أَلَمَّ بِهَا أَوْلَقَ مِنْ طَائِفِ الْجِنِّ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: طَافَ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ يَطُوفُ طَوْفًا وَطَوَافًا وَأَطَافَ اسْتَدَارَ الْقَوْمَ وَأَتَاهُمْ مِنْ نَوَاحِيهِمْ، وَطَافَ الْخَيَالُ أَلَمَّ يَطِيفُ طَيْفًا وَزَعَمَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلِ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ طَافَ الْخَيَالُ قَالَ: لِأَنَّهُ تَخَيُّلٌ لَا حَقِيقَةٌ وَأَمَّا فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ فَلَا يُقَالُ فِيهِ طَيْفٌ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ حَقِيقَةً انْتَهَى، وَقَالَ حَسَّانُ:
جِنِّيَّةٌ أَرَّقَنِي طَيْفُهَا ... تَذْهَبُ صُبْحًا وَتُرَى فِي الْمَنَامِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَمَّا بِمَعْنَى النَّزْعِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: الطَّيْفُ الْجُنُونُ، وَالطَّائِفُ الْغَضَبُ، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: هُمَا بِمَعْنَى الْوَسْوَسَةِ، وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنَى اللَّمَمِ وَالْخَيَالِ، وَقِيلَ:
الطَّيْفُ النَّخِيلُ، وَالطَّائِفُ الشَّيْطَانُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الطَّيْفُ الْغَضَبُ وَيُسَمَّى الْجُنُونُ وَالْغَضَبُ وَالْوَسْوَسَةُ طَيْفًا لِأَنَّهُ لَمَّةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزبير وَالسُّدِّيُّ: إِذَا زَلُّوا تَابُوا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا هَمُّوا بِذَنْبٍ ذَكَرُوا اللَّهَ فَتَرَكُوهُ، وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: إِذَا غَضِبَ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِذَا أَصَابَهُ نَزْغٌ تَذَكَّرَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ نَزَعَ عَنْهَا مَخَافَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ: ابْتَهَلُوا، وَقَالَ ابْنُ بَحْرٍ: عَاذُوا بِذِكْرِ اللَّهِ،
وَقِيلَ: تَفَكَّرُوا فَأَبْصَرُوا وَهَذِهِ كُلُّهَا أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ وَسَبَّ عِصَامُ بْنُ الْمُصْطَلِقِ الشَّامِيِّ الْحُسَيْنَ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَبًّا مُبَالِغًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute