للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْنَى انْتَهَى، وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَفْعُولِ وَالْمَجْرُورِ يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَالْحَصْرِ وَذَلِكَ عِنْدَنَا لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِنَاءِ وَالِاهْتِمَامِ بِمَا قُدِّمَ لَا عَلَى تَخْصِيصٍ وَلَا حَصْرٍ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَقِيلَ يَتَعَلَّقُ لِيُحِقَّ بِقَوْلِهِ وَيَقْطَعَ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَلَوْ كَرِهَ أَيْ وَكَرَاهَتُكُمْ وَاقِعَةٌ فَهِيَ جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ انْتَهَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ التَّحْقِيقَ فِيهِ أَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ ذَلِكَ الْمَحْذُوفُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْحَالِ حَالٌ وَمَثَّلْنَا ذَلِكَ

بِقَوْلِهِ «اعْطُوَا السَّائِلَ وَلَوْ جَاءَ عَلَى فرس

عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي تُنَافِي الصَّدَقَةَ عَلَى السَّائِلِ» ، وَأَنْ وَلَوْ هَذِهِ تَأْتِي لِاسْتِقْصَاءِ مَا بَطَنَ لِأَنَّهُ لَا يَنْدَرِجُ فِي عُمُومِ مَا قَبْلَهُ لِمُلَاقَاةِ الَّتِي بَيْنَ هَذِهِ الْحَالِ وَبَيْنَ الْمُسْنَدِ الَّذِي قَبْلَهُمَا، وَقَالَ الْحَسَنُ هَاتَانِ الْآيَتَانِ مُتَقَدِّمَتَانِ فِي النُّزُولِ عَلَى قَوْلِهِ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ وَفِي الْقِرَاءَةِ بَعْدَهُمَا لِتَقَابُلِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ وَالْكَرَاهَةِ بِالْكَرَاهَةِ انْتَهَى، وَهَذِهِ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَا حَاجَةَ تَضْطَرُّنَا إِلَى تَصْحِيحِهَا.

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ.

اسْتَغَاثَ طَلَبَ الْغَوْثَ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْقِتَالِ شَرَعُوا فِي طَلَبِ الْغَوْثِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالدُّعَاءِ بِالنُّصْرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِطَابٌ لِمَنْ خُوطِبَ بِقَوْلِهِ وَإِذْ يَعِدُكُمُ وَتَوَدُّونَ وَأَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ كَما أَخْرَجَكَ ويُجادِلُونَكَ هُوَ خِطَابٌ لِلرَّسُولِ وَلِذَلِكَ أَفْرَدَ فَالْخِطَابَانِ مُخْتَلِفَانِ،

وَقِيلَ الْمُسْتَغِيثُ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

،

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَنَيِّفٌ وَإِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَمَدَّ يَدَهُ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْنِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ العصابة لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ» وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ فَرَدَّهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَفَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُنَاشَدَتَكَ اللَّهَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، قَالُوا فَيَكُونُ مِنْ خِطَابِ الْوَاحِدِ الْمُعَظَّمِ خِطَابُ الْجَمِيعِ، وَرُوِيَ أن أبا جهل عند ما اصْطَفَّ الْقَوْمُ قَالَ:

اللَّهُمَّ أَوْلَانَا بِالْحَقِّ فَانْصُرْهُ

وَإِذْ بَدَلٌ مِنْ إِذْ يَعِدُكُمُ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَكَانَ قَدْ قَدَّمَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي إِذْ يَعِدُكُمُ اذْكُرْ، وَقَالَ الطَّبَرِيُّ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِيُحِقَّ ويُبْطِلَ وَأَجَازَ هُوَ وَالْحَوْفِيُّ أَنْ تَكُونَ مَنْصُوبَةً بِيَعِدُكُمْ وَأَجَازَ الْحَوْفِيُّ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً عَلَى إِضْمَارِ وَاذْكُرُوا وَأَجَازَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا لِتَوَدُّونَ وَاسْتَغَاثَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ فِي الْآيَةِ وَيَتَعَدَّى بِحَرْفِ جَرٍّ كَمَا جَاءَ فِي لَفْظِ سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ الِاسْتِغَاثَةِ، وَفِي بَابِ ابْنِ مَالِكٍ فِي النَّحْوِ الْمُسْتَغَاثُ وَلَا يَقُولُ الْمُسْتَغَاثُ بِهِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَآهُ فِي الْقُرْآنِ تَعَدَّى بِنَفْسِهِ قَالَ الْمُسْتَغَاثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>