الْفُرْصَةَ وَأَخْلِصُوا قُلُوبَكُمْ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ انْتَهَى، وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى هُوَ الرُّمَّانِيُّ وَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَيْضًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ يَمْلِكُ عَلَى العبد قلبه فيفسخ وَقِيلَ: يُبَدِّلُ الْجُبْنَ جَرَاءَةً وَهُوَ تَحْرِيضٌ عَلَى الْقِتَالِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِهِ بِقَوْلِهِ اسْتَجِيبُوا وَيَكْشِفُ حَقِيقَتَهُ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهُ كَيْفَ يَشَاءُ وَتَأْوِيلُهُ بَيْنَ أَثَرَيْنِ مِنْ آثَارِ رُبُوبِيَّتِهِ» .
وَقِيلَ: يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الْمَعَاصِي الَّتِي يَهُمُّ بِهَا قَلْبُهُ بِالْعِصْمَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى كُلِّ مَا يَخْطُرُ الْمَرْءَ بِبَالِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ضَمَائِرِهِ فَكَأَنَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى إِنْ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَمْلَكُ لِقُلُوبِ الْعِبَادِ مِنْهُمْ وَأَنَّهُ يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا إِذَا شَاءَ حَتَّى لَا يُدْرِكَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى.
وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: بَيْنَ الْمَرْءِ بِكَسْرِ الْمِيمِ إِتْبَاعًا لِحَرَكَةِ الْإِعْرَابِ إِذْ فِي الْمَرْءِ لُغَتَانِ: فَتْحُ الْمِيمِ مُطْلَقًا وَإِتْبَاعُهَا حَرَكَةَ الْإِعْرَابِ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ: بَيْنَ الْمَرِّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنْ غير همز وَوَجْهُهُ أَنَّهُ نَقَلَ حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ إِلَى الرَّاءِ وَحَذَفَ الْهَمْزَةَ ثُمَّ شَدَّدَهَا كَمَا تُشَدَّدُ فِي الْوَقْفِ وَأَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ وَكَثِيرًا مَا تَفْعَلُ الْعَرَبُ ذَلِكَ تُجْرِي الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ، وَهَذَا تَوْجِيهُ شُذُوذٍ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ وَلَمَّا أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَعْلَمُوا قُدْرَةَ اللَّهِ وَحَيْلُولَتَهُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَمَقَاصِدِ قَلْبِهِ أَعْلَمَهُمْ بِأَنَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَحْشُرُهُمْ فَيُثِيبُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ فَكَانَ فِي ذَلِكَ تِذْكَارٌ لِمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ مِنَ الْبَعْثَ وَالْجَزَاءَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً هَذَا الْخِطَابُ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ بِاتِّقَاءِ الْفِتْنَةِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِالظَّالِمِ بَلْ تَعُمُّ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يُقِرُّوا الْمُنْكَرَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَيَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ
فَفِي الْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ أَنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ وَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ
،
وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ:
«نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ»
، وَقِيلَ الْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ، وَقِيلَ لِأَهْلِ بَدْرٍ،
وَقِيلَ لِعَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ
، وَقِيلَ لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُسَمِّهِمَا وَالْفِتْنَةُ هُنَا الْقِتَالُ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ أَوِ الضَّلَالَةُ أَوْ عَدَمُ إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ أَوْ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ أَوْ بِظُهُورِ الْبِدَعِ أَوِ الْعُقُوبَةُ أَقْوَالٌ، وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ يَوْمَ الْجَمَلِ: مَا عَلِمْتُ أَنَّا أُرِدْنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا الْيَوْمَ وَمَا