تَجْتَمِعُوا مَعَهُمْ وَقَالَ مَعْنَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، قَالَ: وَلَوْ تَواعَدْتُمْ أَنْتُمْ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَتَوَاضَعْتُمْ بَيْنَكُمْ عَلَى مَوْعِدٍ تَلْتَقُونَ فِيهِ لِلْقِتَالِ لَخَافَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَثَبَّطَكُمْ قِلَّتُكُمْ وَكَثْرَتُهُمْ عَنِ الْوَفَاءِ بِالْمَوْعِدِ وَثَبَّطَهُمْ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ تَهَيُّبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَتَّفِقْ لَكُمْ مِنَ التَّلَاقِي مَا وَفَّقَهُ اللَّهُ وَسَبَّبَهُ لَهُ، وَقَالَ الْمَهْدَوِيُّ: الْمَعْنَى لَاخْتَلَفْتُمْ بِالْقَوَاطِعِ وَالْعَوَارِضِ الْقَاطِعَةِ بِالنَّاسِ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا أَنْبَلُ يَعْنِي مِنْ قَوْلِ الطَّبَرِيِّ وَأَصَحُّ وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الْمَقْصِدَ مِنَ الآية تبين نِعْمَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ وَتَيْسِيرِهِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ ذَلِكَ فَالْمَعْنَى إِذْ هَيَّأَ اللَّهُ لَكُمْ هَذِهِ الْحَالَ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَهَا لَاخْتَلَفْتُمْ إِلَّا مَعَ تَيْسِيرِ اللَّهِ الَّذِي تَمَّمَ ذَلِكَ وَهَذَا كَمَا تَقُولُ لِصَاحِبِكَ فِي أَمْرٍ شَاءَهُ اللَّهُ دُونَ تَعَبٍ كَثِيرٍ لو ثبنا عَلَى هَذَا وَسَعَيْنَا فِيهِ لَمْ يَتِمَّ هَكَذَا انْتَهَى، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ أَنْتُمْ وَالْمُشْرِكُونَ لِلْقِتَالِ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ أَيْ كَانُوا لَا يُصَدِّقُونَ مُوَاعَدَتَكُمْ طَلَبًا لغرتكم والجيلة عَلَيْكُمْ، وَقِيلَ الْمَعْنَى وَلَوْ تَواعَدْتُمْ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ اللَّهِ أَمْرَ الْحَرْبِ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً مِنْ نَصْرِ دِينِهِ وَإِعْزَازِ كَلِمَتِهِ وَكَسْرِ الْكُفَّارِ وَإِذْلَالِهِمْ كَانَ مَفْعُولًا أَيْ مَوْجُودًا مُتَحَقِّقًا وَاقِعًا وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ مَفْعُولًا لِتَحَقُّقِ كَوْنِهِ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لِيَقْضِيَ أَمْرًا قَدْ قَدَّرَهُ فِي الْأَزَلِ مَفْعُولًا لَكُمْ بِشَرْطِ وُجُودِكُمْ فِي وَقْتِ وُجُودِكُمْ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِيَقْضِيَ اللَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ وَاجِبًا أَنْ يُفْعَلَ وَهُوَ نَصْرُ أَوْلِيَائِهِ وَقَهْرُ أَعْدَائِهِ دَبَّرَ ذَلِكَ، وَقِيلَ كَانَ بِمَعْنَى صَارَ لِيَهْلِكَ بَدَلٌ مِنْ لِيَقْضِيَ فَيَتَعَلَّقُ بِمِثْلِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ لِيَقْضِيَ، وَقِيلَ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ مَفْعُولًا، وَقِيلَ الْأَصْلُ ولِيَهْلِكَ فَحَذَفَ حَرْفَ الْعَطْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى لِيُقْتَلَ مَنْ قُتِلَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ عَنْ بَيَانٍ مِنَ اللَّهِ وَإِعْذَارٍ بِالرِّسَالَةِ وَيَعِيشَ مَنْ عَاشَ عَنْ بَيَانٍ مِنْهُ وَإِعْذَارٍ لَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: لِيَكْفُرَ وَيُؤْمِنَ فَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ قِصَّةَ بَدْرٍ عِبْرَةً وَآيَةً لِيُؤْمِنَ مَنْ آمَنَ عَنْ وُضُوحٍ وَبَيَانٍ وَيَكْفُرَ مَنْ كَفَرَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَعِصْمَةُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: لِيَهْلِكَ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَقَرَأَ نَافِعٌ وَالْبَزِّيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مَنْ حَيِيَ بِالْفَكِّ وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالْإِدْغَامِ وَقَالَ الْمُتَلَمِّسُ:
فَهَذَا أَوَانُ الْعَرْضِ حَيٌّ ذُبَابُهُ وَالْفَكُّ وَالْإِدْغَامِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَخَتَمَ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ لِأَنَّ الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ يَسْتَلْزِمَانِ النُّطْقَ اللِّسَانِيَّ وَالِاعْتِقَادَ الْجِنَانِيَّ فَهُوَ سَمِيعٌ لِأَقْوَالِكُمْ عَلِيمٌ بِنِيَّاتِكُمْ.
إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute