رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِيهِمْ. فَإِنَّ
فِي الصَّحِيحِ: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ»
وَفِي كِتَابِ التَّحْرِيرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْعَامِلُ وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ مَفْقُودَانِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، بَقِيَتِ الْأَصْنَافُ السِّتَّةُ، فَالْأَوْلَى صَرْفُهَا إِلَى السِّتَّةِ. وَأَمَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا فَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ، لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، فَإِنْ دَفَعَ سَهْمَ الْفُقَرَاءِ إِلَى فَقِيرَيْنِ ضَمِنَ نَصِيبَ الثَّالِثِ وَهُوَ ثُلْثُ سَهْمٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ جَمِيعَ زَكَاتِهِ مِسْكِينًا وَاحِدًا. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَاحِدًا، وَاللَّامُ فِي لِلْفُقَرَاءِ. قِيلَ: لِلْمِلْكِ. وَقِيلَ:
لِلِاخْتِصَاصِ.
وَالظَّاهِرُ عُمُومُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَقَارِبُ وَالْأَجَانِبُ وَكُلُّ مَنِ اتَّصَفَ بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ فَأَمَّا ذَوُو قُرْبَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ مِنْهُمْ: آلُ الْعَبَّاسِ، وَآلُ عَلِيٍّ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ الْحَرْثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ أَنَّ فُقَرَاءَ بَنِي هَاشِمٍ يَدْخُلُونَ فِي آيَةِ الصَّدَقَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَدْخُلُونَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ آلِ الْعَبَّاسِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ، وَيَخُصُّ التَّحْرِيمُ الْفَرْضَ لَا صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَحِلُّ الزَّكَاةُ لِآلِ مُحَمَّدٍ، وَيَحِلُّ التَّطَوُّعُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَا تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فَرْقًا بَيْنَ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَحْرُمُ صَدَقَةُ الْفَرْضِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَتَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَأْخُذُهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُعْطَى بَنُو هَاشِمٍ مِنَ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَلَا مِنَ التَّطَوُّعِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ: لَا يُعْطَى آلُ مُحَمَّدٍ مِنَ التَّطَوُّعِ.
وَأَمَّا أَقَارِبُ الْمُزَكِّي فَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يُعْطَى مِنْهَا وَالِدٌ وَإِنْ عَلَا، وَلَا ابْنٌ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا زَوْجَةٌ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَاللَّيْثُ: لَا يُعْطِي مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: لَا يُعْطِي قَرَابَتَهُ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ، وَإِنَّمَا يُعْطِي مَنْ لَا يَرِثُهُ وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَتَخَطَّى بِزَكَاةِ مَالِهِ فُقَرَاءَ أَقَارِبِهِ إِذَا لَمْ يَكُونُوا مِنْ عِيَالِهِ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى مَوَالِيهِ مِنْ غَيْرِ زَكَاةِ مَالِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يُعْطَى الْفَرْضُ مِنَ الزَّكَاةِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: إِذَا لَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا أَعْطَى الذِّمِّيَّ، فَكَأَنَّهُ يَعْنِي الذِّمِّيَّ الَّذِي هُوَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُعْطِي الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا مِنَ الزَّكَاةِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ: تُعْطِيهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute