للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَابْنُ زَيْدٍ: هِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ مِنَ الْعِبَادَاتِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: هِيَ شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُ: هِيَ الْمُصِيبَةُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: هِيَ السَّعَادَةُ السَّابِقَةُ لَهُمْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: سَابِقَةُ خَيْرٍ عِنْدَ اللَّهِ قَدَّمُوهَا. وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ وَضَّاحُ الْيَمَنِ في قوله:

مالك وَضَّاحُ دَائِمَ الْغَزَلْ ... أَلَسْتَ تَخْشَى تَقَارُبَ الْأَجَلْ

صَلِّ لِذِي الْعَرْشِ وَاتَّخِذْ قَدَمَا ... يُنْجِيكَ يَوْمَ الْعِثَارِ وَالزَّلَلْ

وَقَالَ قَتَادَةُ أَيْضًا: سَلَفُ صِدْقٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ: مَقَامُ صِدْقٍ. وَقَالَ يَمَانٌ: إِيمَانُ صِدْقٍ.

وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا: وَلَدٌ صَالِحٌ قَدَّمُوهُ. وَقِيلَ: تَقْدِيمُ اللَّهِ فِي الْبَعْثِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَفِي إِدْخَالِهِمُ الْجَنَّةَ، كَمَا

قَالَ: «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

وَقِيلَ: تَقَدُّمُ شَرَفٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:

ذَلَّ بَنِي الْعَوَّامِ مِنْ آلِ الْحَكَمْ ... وَتَرَكُوا الْمُلْكَ لِمَلِكٍ ذِي قَدَمْ

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: دَرَجَةٌ عَالِيَةٌ وَعَنْهُ مَنْزِلَةٌ رَفِيعَةٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

لَكُمْ قَدَمٌ لَا يُنْكِرُ النَّاسُ أَنَّهَا ... مَعَ الْحَسَبِ الْعَادِيِّ طَمَّتْ عَلَى الْبَحْرِ

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ سَابِقَةً وَفَضْلًا وَمَنْزِلَةً رَفِيعَةً، وَلَمَّا كَانَ السَّعْيُ وَالسَّبْقُ بِالْقَدَمِ سُمِّيَتِ الْمَسْعَاةُ الْجَمِيلَةُ وَالسَّابِقَةُ قَدَمًا، كَمَا سُمِّيَتِ النِّعْمَةُ يَدًا، لِأَنَّهَا تُعْطَى بِالْيَدِ وَبَاعًا لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَبُوعُ بِهَا فَقِيلَ لِفُلَانٍ: قَدَمٌ فِي الْخَيْرِ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى صِدْقٍ دَلَالَةٌ عَلَى زِيَادَةِ فَضْلٍ وَأَنَّهُ مِنَ السَّوَابِقِ الْعَظِيمَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالصِّدْقُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَعْنَى الصَّلَاحِ، كَمَا تَقُولُ: رَجُلُ صِدْقٍ. وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ: قِدَمَ بِكَسْرِ الْقَافِ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ قَالَ:

الْكَافِرُونَ. ذَهَبَ الطَّبَرِيُّ إِلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا يَدُلُّ الظَّاهِرُ عَلَيْهِ تَقْدِيرُهُ: فَلَمَّا أَنْذَرَ وَبَشَّرَ قَالَ الْكَافِرُونَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَالَ الْكَافِرُونَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ:

أَكَانَ لِلنَّاسِ وحينا إلى بشر عجبا قَالَ الْكَافِرُونَ عَنْهُ كَذَا وَكَذَا.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَالْعَرَبِيَّانِ وَنَافِعٌ: لَسِحْرٌ إِشَارَةٌ إِلَى الْوَحْيِ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو رَزِينٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ وَثَّابٍ، وَطَلْحَةُ، وَالْأَعْمَشُ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَعِيسَى بْنُ عَمْرٍو بِخِلَافٍ عَنْهُمَا لَسَاحِرٌ إِشَارَةٌ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ أَيْضًا: مَا هَذَا إِلَّا سَاحِرٌ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>