الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ أَيْ فِي أَنْ تَسْتَعْجِلَا قَضَائِيَ، فَإِنَّ وَعْدِيَ لَا خُلْفَ لَهُ. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَالضَّحَّاكُ: دَعَوَاتُكُمَا عَلَى الْجَمْعِ. وَقَرَأَ ابْنُ السَّمَيْقَعِ: قَدْ أَجَبْتُ دَعْوَتَكُمَا خَبَرًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَصَبَ دَعْوَةٍ وَالرَّبِيعُ دَعْوَتَيْكُمَا، وَهَذَا يُؤَكِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَارُونَ دَعَا مَعَ مُوسَى.
وَقِرَاءَةُ دَعْوَتَيْكُمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَرَأَ قَدْ أَجَبْتُ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ وَفَاعِلٌ، ثُمَّ أُمِرَا بِالِاسْتِقَامَةِ، وَالْمَعْنَى: الدَّيْمُومَةُ عَلَيْهَا وَعَلَى مَا أُمِرْتُمَا بِهِ مِنَ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلْزَامِ حُجَّةِ اللَّهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: تَتَّبِعَانِّ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَالنُّونِ، وَابْنُ عباس وابن زكوان بِتَخْفِيفِ التَّاءِ وَشَدِّ النُّونِ، وَابْنُ ذَكْوَانَ أَيْضًا بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ، وَفِرْقَةٌ بِتَخْفِيفِ التَّاءِ وَسُكُونِ النُّونِ، وَرَوَى ذَلِكَ الْأَخْفَشُ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، فَأَمَّا شَدُّ النُّونِ فَعَلَى أَنَّهَا نُونُ التَّوْكِيدِ الشَّدِيدَةُ لَحِقَتْ فِعْلَ النَّهْيِ الْمُتَّصِلَ بِهِ ضَمِيرُ الِاثْنَيْنِ، وَأَمَّا تَخْفِيفُهَا مَكْسُورَةً فَقِيلَ:
هِيَ نُونُ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةُ، وَكُسِرَتْ كَمَا كُسِرَتِ الشَّدِيدَةُ. وَقَدْ حَكَى النَّحْوِيُّونَ كَسْرَ النُّونِ الْخَفِيفَةِ فِي مِثْلِ هَذَا عَنِ الْعَرَبِ، وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وَالْكِسَائِيِّ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ هُنَا الْخَفِيفَةُ، وَيُونُسُ وَالْفَرَّاءُ يَرَيَانِ ذَلِكَ. وَقِيلَ: النُّونُ الْمَكْسُورَةُ الْخَفِيفَةُ هِيَ عَلَامَةُ الرَّفْعِ، وَالْفِعْلُ مَنْفِيٌّ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ النَّهْيُ، أَوْ هُوَ خَبَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ: غَيْرُ مُتَّبِعِينَ قَالَهُ الْفَارِسِيُّ.
وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ قَالَهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ. أَوِ الَّذِينَ يَسْتَعْجِلُونَ الْقَضَاءَ قَبْلَ مَجِيئِهِ، ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ.
وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ: قَرَأَ الْحَسَنُ وَجَوَّزْنَا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ في الباء في ببني إِسْرَائِيلَ، وَكَمْ كَانَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ فَاتَّبَعَهُمْ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وجاوزنا فاتبعهم رُبَاعِيًّا، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَيْسَ مَنْ جَوَّزَ الَّذِي فِي بَيْتِ الْأَعْشَى:
وَإِذَا تُجَوُّزُهَا جبال قَبِيلَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْهُ لَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يقال: وجوزنا ببني إِسْرَائِيلَ فِي الْبَحْرِ كَمَا قَالَ:
كَمَّا جَوَّزَ السُّبْكِيُّ فِي الْبَابِ فَيْنَقُ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute