مِنْهُمْ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: عَلِمَ مَا غَابَ في السموات وَالْأَرْضِ، أَضَافَ الْغَيْبَ إِلَيْهِمَا تَوَسُّعًا انْتَهَى. وَالْجُمْلَةُ الْأُولَى: دَلَّتْ عَلَى أَنَّ عِلْمَهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ كُلِّيِّهَا وَجُزْئِيِّهَا حَاضِرِهَا وَغَائِبِهَا، لِأَنَّهُ إِذَا أَحَاطَ عِلْمُهُ بِمَا غَابَ فَهُوَ بِمَا حَضَرَ مُحِيطٌ، إِذْ عِلْمُهُ تَعَالَى لَا يَتَفَاوَتُ. وَالْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ: دَلَّتْ عَلَى الْقُدْرَةِ النَّافِذَةِ وَالْمَشِيئَةِ. وَالْجُمْلَةُ الثَّالِثَةُ: دَلَّتْ عَلَى الْأَمْرِ بِإِفْرَادِ مَنْ هَذِهِ صِفَاتُهُ بِالْعِبَادَةِ الْجَسَدِيَّةِ وَالْقَلْبِيَّةِ، وَالْعِبَادَةُ أَوْلَى الرُّتَبِ الَّتِي يَتَحَلَّى بِهَا الْعَبْدُ. وَالْجُمْلَةُ الرَّابِعَةُ: دَلَّتْ عَلَى الْأَمْرِ بِالتَّوَكُّلِ، وَهِيَ آخِرَةُ الرُّتَبِ، لِأَنَّهُ بِنُورِ الْعِبَادَةِ أَبْصَرَ أَنَّ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ مَعْذُوقَةٌ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ وَحْدَهُ فِي جَمِيعِهَا، لَا يَشْرَكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ، فَوَكَلَ نَفْسَهُ إِلَيْهِ تَعَالَى، وَرَفَضَ سَائِرَ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ سَبَبٌ فِي شَيْءٍ مِنْهَا. وَالْجُمْلَةُ الْخَامِسَةُ: تَضَمَّنَتِ التَّنْبِيهَ عَلَى الْمُجَازَاةِ، فَلَا يُضِيعُ طَاعَةَ مُطِيعٍ وَلَا يُهْمِلُ حَالَ مُتَمَرِّدٍ. وقرأ الصاحبان، وحفص، وَقَتَادَةُ، وَالْأَعْرَجُ، وَشَيْبَةُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَالْجَحْدَرِيُّ:
تَعْمَلُونَ بِتَاءِ الْخِطَابِ، لِأَنَّ قَبْلَهُ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ: بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ، وَاخْتُلِفَ عَنِ الْحَسَنُ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute