بِهِ «١» إِنَّهُ أَخَذَ عُثْكَالًا مِنَ النَّخْلِ.
وَرُوِيَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَعَلَ نَحْوَ هَذَا فِي إِقَامَةِ حَدٍّ عَلَى رَجُلٍ.
وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
خود كان راشها وُضِعَتْ بِهِ ... أَضْغَاثُ رَيْحَانٍ غَدَاةَ شِمَالِ
وَمِنَ الْأَخْلَاطِ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي أَمْثَالِهَا: ضَغَثَ عَلَى إِمَالَةٍ.
وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ: لَمْ تَلْحَقْ تَاءُ التَّأْنِيثِ لِأَنَّهُ جَمْعُ تَكْسِيرِ الْمُؤَنَّثِ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَنِسْوَةٌ كَمَا ذَكَرْنَا جَمْعُ قِلَّةٍ. وَكُنَّ عَلَى مَا نُقِلَ خَمْسًا: امْرَأَةً خَبَّازَةً، وَامْرَأَةً سَاقِيَةً، وَامْرَأَةً بَوَّابَةً، وامرأة سبحانه، وَامْرَأَةَ صَاحِبِ دَوَابِّهِ فِي الْمَدِينَةِ هِيَ مِصْرُ. وَمَعْنَى فِي الْمَدِينَةِ: أَنَّهُمْ أَشَاعُوا هَذَا الْأَمْرَ مِنْ حُبِّ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ لِيُوسُفَ، وَصَرَّحُوا بِإِضَافَتِهَا إِلَى الْعَزِيزِ مُبَالَغَةً فِي التَّشْنِيعِ، لِأَنَّ النُّفُوسَ أَقْبَلُ لِسَمَاعِ ذَوِي الْأَخْطَارِ وَمَا يَجْرِي لَهُمْ. وَعَبَّرَتْ بتراود وَهُوَ الْمُضَارِعُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّهُ صَارَ ذَلِكَ سَجِيَّةً لَهَا، تُخَادِعُهُ دَائِمًا عَنْ نَفْسِهِ كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ. وَلَمْ يَقُلْنَ: رَاوَدَتْ فَتَاهَا، ثُمَّ نَبَّهْنَ عَلَى عِلَّةِ دَيْمُومَةِ الْمُرَاوَدَةِ وَهِيَ كَوْنُهُ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا أَيْ: بَلَغَ حُبُّهُ شَغَافَ قَلْبِهَا. وَانْتَصَبَ حُبًّا عَلَى التَّمْيِيزِ الْمَنْقُولِ مِنَ الْفَاعِلِ كَقَوْلِهِ: مَلَأْتُ الْإِنَاءَ مَاءً، أَصْلُهُ مَلَأَ الْمَاءُ الْإِنَاءَ. وَأَصْلُ هَذَا شَغَفَهَا حُبُّهُ، وَالْفَتَى الْغُلَامُ وَعُرْفُهُ فِي الْمَمْلُوكِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي وَلْيَقُلْ فَتَايَ وَفَتَاتِي»
، وَقَدْ قِيلَ فِي غَيْرِ الْمَمْلُوكِ.
وَأَصْلُ الْفَتَى فِي اللُّغَةِ الشَّابُّ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ جُلُّ الْخِدْمَةِ شُبَّانًا اسْتُعِيرَ لَهُمُ اسْمُ الْفَتَى.
وَقَرَأَ ثَابِتٌ الْبَنَاتِيُّ: شَغَفَهَا بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْجُمْهُورُ بِالْفَتْحِ.
وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ: بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ
، وَكَذَلِكَ قَتَادَةُ وَابْنُ هُرْمُزَ وَمُجَاهِدٌ وَحُمَيْدٌ وَالزُّهْرِيُّ بِخِلَافٍ عَنْهُمْ، وَرُوِيَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَابْنِ رَجَاءٍ كَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الشغف في الحب، والشغف فِي الْبُغْضِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: الشغف والمشغوف بالغين منقوطة فِي الْحُبِّ، وَالشَّغَفُ الْجُنُونُ، والمشغوف الْمَجْنُونُ. وَأَدْغَمَ النَّحْوِيَّانِ، وَحَمْزَةُ، وَهِشَامٌ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ دَالَّ قَدْ فِي شِينِ شَغَفَهَا. ثُمَّ نَقَمْنَ عَلَيْهَا ذَلِكَ فَقُلْنَ: إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ أَيْ:
فِي تحير واضح للناس.
(١) سورة ص: ٣٨/ ٤٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute