للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَأَ عَلْقَمَةُ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَالْأَعْمَشُ، رِدَّتْ بِكَسْرِ الرَّاءِ، نُقِلَ حَرَكَةُ الدَّالِ الْمُدْغَمَةِ إِلَى الرَّاءِ بَعْدَ تَوَهُّمِ خُلُوِّهَا مِنَ الضَّمَّةِ، وَهِيَ لُغَةٌ لِبَنِي ضَبَّةَ، كَمَا نَقَلَتِ الْعَرَبُ فِي قِيلَ وَبِيعَ. وَحَكَى قُطْرُبٌ: النَّقْلُ فِي الْحَرْفِ الصَّحِيحِ غَيْرُ الْمُدْغَمِ نَحْوَ: ضَرَبَ زَيْدٌ، سَمَّوُا الْمَشْدُودَ الْمَرْبُوطَ بِجُمْلَتِهِ مَتَاعًا، فَلِذَلِكَ حَسُنَ الْفَتْحُ فِيهِ. وَمَا نَبْغِي، مَا فِيهِ اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَيْ:

أَيُّ شَيْءٍ نَبْغِي وَنَطْلُبُ مِنَ الْكَرَامَةِ هَذِهِ أَمْوَالُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا قَالَهُ قَتَادَةُ. وَكَانُوا قَالُوا لِأَبِيهِمْ:

قَدِمْنَا عَلَى خَيْرِ رَجُلٍ أَنْزَلَنَا وَأَكْرَمَنَا كَرَامَةً، لَوْ كَانَ رَجُلًا مِنْ آلِ يَعْقُوبَ مَا أَكْرَمَنَا كَرَامَتَهُ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا نَافِيَةً أَيْ: مَا بَقِيَ لَنَا مَا نَطْلُبُ. وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ نَافِيَةً مِنَ الْبَغْيِ أَيْ: مَا افْتَرَيْنَا فَكَذَبْنَا عَلَى هَذَا الْمَلِكِ، وَلَا فِي وَصْفِ إِجْمَالِهِ وَإِكْرَامِهِ هَذِهِ الْبِضَاعَةُ مَرْدُودَةٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ مَا نَبْغِي فِي الْقَوْلِ مَا تَتَزَيَّدُ فِيمَا وَصَفْنَا لَكَ مِنْ إِحْسَانِ الْمَلِكِ وَالْكَرَامَةِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا نُرِيدُ مِنْكَ بِضَاعَةً أُخْرَى.

وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو حَيْوَةَ:

مَا تَبْغِي بِالتَّاءِ عَلَى خِطَابِ يَعْقُوبَ، وَرَوَتْهَا عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ

، وَيَحْتَمِلُ مَا فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الِاسْتِفْهَامَ وَالنَّفْيَ كَقِرَاءَةِ النُّونِ. وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: وَنُمِيرُ بِضَمِّ النُّونِ، وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا مُوَضِّحَةٌ لِقَوْلِهِمْ: مَا نَبْغِي، وَالْجُمَلُ بَعْدَهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَيْهَا عَلَى تَقْدِيرِ: فَنَسْتَظْهِرُ بِهَا وَنَسْتَعِينُ بِهَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا فِي رُجُوعِنَا إِلَى الْمَلِكِ، وَنَحْفَظُ أَخَانَا فَلَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ مِمَّا تَخَافُهُ. وَإِذَا كَانَ مَا نَبْغِي بمعنى مَا نَتَزَيَّدُ وَمَا نَكْذِبُ، جَازَ أَنْ يَكُونَ وَنَمِيرُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا نَبْغِي أَيْ: لَا نَبْغِي فِيمَا نَقُولُ، وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَفْعَلُ كَيْتَ وَكَيْتَ.

وَجَازَ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا مُبْتَدَأً، وَكَرَّرُوا حِفْظَ الْأَخِ مُبَالَغَةً فِي الْحَضِّ عَلَى إِرْسَالِهِ، وَنَزْدَادُ بِاسْتِصْحَابِ أَخِينَا وَسَقَ بَعِيرٍ عَلَى أَوَسَاقِ بَعِيرِنَا، لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ حَمَّلَ لَهُمْ عَشَرَةَ أَبْعِرَةٍ، وَلَمْ يُحَمِّلِ الْحَادِي عَشَرَ لِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَعِيرَ هُوَ مِنَ الْإِبِلِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَيْلُ حِمَارٍ، قَالَ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ تَقُولُ لِلْحِمَارِ: بَعِيرٌ، وَهَذَا شَاذٌّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ، مِنْ كَلَامِهِمْ لَا مِنْ كَلَامِ يَعْقُوبَ، وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا إِلَى كَيْلَ بَعِيرٍ أَيْ:

يَسِيرٍ، بِمَعْنَى قليل، يجيبنا إِلَيْهِ الْمَلِكُ وَلَا يُضَايِقُنَا فِيهِ، أَوْ يَسِيرٌ بِمَعْنَى سهل عليه مُتَيَسِّرٍ لَا يَتَعَاظَمَهُ. وَقِيلَ: يَسِيرٌ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: وَقَدْ كَانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَدَهُمْ أَنْ يَزِيدَهُمْ حِمْلَ بَعِيرٍ بِغَيْرِ ثَمَنٍ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَيْ ذَلِكَ مِكْيَلٌ قَلِيلٌ لَا يَكْفِينَا

<<  <  ج: ص:  >  >>