للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقَالُ فِيهَا: فَتَأَ عَلَى وَزْنِ ضَرَبَ، وَأَفْتَأَ عَلَى وَزْنِ أَكْرَمَ. وَزَعَمَ ابْنُ مَالِكٍ أَنَّهَا تَكُونُ بِمَعْنَى سَكَنَ وَأَطْفَأَ، فَتَكُونُ تَامَّةً. وَرَدَدْنَا عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ تَصْحِيفٌ مِنْهُ. صَحَّفَ الثَّاءَ بِثَلَاثٍ، بِالتَّاءِ بِثِنْتَيْنِ مِنْ فَوْقُ، وَشَرَحَهَا بِسَكَنٍ وَأَطْفَأَ. الْحَرَضُ: الْمُشْفِي عَلَى الْهَلَاكِ يُقَالُ: حَرِضَ فَهُوَ حَرِضٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ، حَرَضًا بِفَتْحِهَا وَهُوَ الْمَصْدَرُ، وَلِذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْمُفْرَدُ وَالْجَمْعُ. وَأَحْرَضَهُ الْمَرَضُ فَهُوَ مُحْرَضٌ قَالَ:

أَرَى الْمَرْءَ كَالْأَزْوَادِ يُصْبِحُ مُحْرَضًا ... كَإِحْرَاضِ بَكْرٍ فِي الدِّيَارِ مَرِيضِ

وَقَالَ الْآخَرُ:

إِنِّي امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فَأَحْرَضَنِي ... حَتَّى بَلِيتُ وَحَتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ

وَقَالَ: رَجُلٌ حُرُضٌ بِضَمَّتَيْنِ كَجُنُبٍ وَشُلُلٍ.

وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ. قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ. قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ. قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ. قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ. قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ:

رُوِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ: هَذَا أَخُونَا قَدْ جِئْنَاكَ بِهِ، فَقَالَ: أَحْسَنْتُمْ وَأَصَبْتُمْ، وَسَتَجِدُونَ ذَلِكَ عِنْدِي، فَأَنْزَلَهُمْ وَأَكْرَمَهُمْ، ثُمَّ أَضَافَهُمْ، وَأَجْلَسَ كُلَّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ عَلَى مَائِدَةٍ، فَبَقِيَ بِنْيَامِينُ وَحْدَهُ فَبَكَى وَقَالَ: لَوْ كَانَ أَخِي يُوسُفُ حَيًّا لَأَجْلَسَنِي مَعَهُ. فَقَالَ يُوسُفُ: بَقِيَ أَخُوكُمْ وَحِيدًا، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَجَعَلَ يُؤَاكِلُهُمْ وَقَالَ: أَنْتُمْ عَشَرَةٌ، فَلْيَنْزِلْ كُلُّ اثْنَيْنِ مِنْكُمْ بَيْتًا، وَهَذَا لَا ثَانِيَ لَهُ فَيَكُونُ مَعِي، فَبَاتَ يُوسُفُ يَضُمُّهُ إِلَيْهِ وَيَشُمُّ رَائِحَتَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، وَسَأَلَهُ عَنْ وَلَدِهِ فَقَالَ: لِي عشرة بنين اشتققت أسماهم مِنِ اسْمِ أَخٍ لِي هَلَكَ، فَقَالَ لَهُ: أَتُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَخَاكَ بَدَلَ أَخِيكَ الْهَالِكِ؟ قَالَ: مَنْ يَجِدُ أَخًا مِثْلَكَ، وَلَكِنْ لَمْ يَلِدْكَ يَعْقُوبُ وَلَا رَاحِيلُ، فَبَكَى يُوسُفُ وَقَامَ إِلَيْهِ وَعَانَقَهُ وَقَالَ لَهُ: أَنَا أَخُوكَ يُوسُفُ فَلَا تَبْتَئِسْ، فَلَا تَحْزَنْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ بِنَا فِيمَا مَضَى، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا وَجَمَعَنَا عَلَى خَيْرٍ، وَلَا تُعْلِمُهُمْ بِمَا أَعْلَمْتُكَ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَعَرَّفَ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَخُوهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ، أَعْلَمَهُ أَنَّهُ أَخُوهُ حَقِيقَةً وَاسْتَكْتَمَهُ، وَقَالَ لَهُ: لَا تُبَالِي بِكُلِّ مَا تَرَاهُ مِنَ الْمَكْرُوهِ فِي تَحَيُّلِي فِي أَخْذِكَ مِنْهُمْ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُشِيرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>