للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُعْنُبُ وَقُلَ الْحَقَّ بِفَتْحِ اللَّامِ حَيْثُ وَقَعَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَذَلِكَ رَدِيءٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ انْتَهَى. وَعَنْهُ أَيْضًا ضَمُّ اللَّامِ حَيْثُ وَقَعَ كَأَنَّهُ إِتْبَاعٌ لِحَرَكَةِ الْقَافِ. وَقَرَأَ أَيْضًا الْحَقُّ بِالنَّصْبِ. قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ: هُوَ عَلَى صِفَةِ الْمَصْدَرِ الْمُقَدَّرِ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى مَصْدَرِهِ وَإِنْ لَمْ يُذْكُرْ فَيَنْصِبُهُ مَعْرِفَةً كَنَصْبِهِ إِيَّاهُ نَكِرَةً، وَتَقْدِيرُهُ وَقُلِ الْقَوْلَ الْحَقُّ وَتَعَلُّقُ مِنْ بِمُضْمَرٍ عَلَى ذَلِكَ مِثْلُ هُوَ إِرْجَاءٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَعِيسَى الثَّقَفِيُّ بِكَسْرِ لَامَيِ الْأَمْرِ.

وَلَمَّا تَقَدَّمَ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ أَعْقَبَ بِمَا أَعَدَّ لَهُمَا فَذَكَرَ مَا أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ يَلِي قَوْلَهُ فَلْيَكْفُرْ وَأَتَى بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا أَعَدَّ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَلَمَّا كَانَ الْكَلَامُ مَعَ الْكُفَّارِ وَفِي سِيَاقِ مَا طَلَبُوا مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كانت الْبَدَاءَةُ بِمَا أَعَدَّ لَهُمْ أَهَمَّ وَآكَدَ، وَهُمَا طَرِيقَانِ لِلْعَرَبِ هَذِهِ الطَّرِيقُ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ يَجْعَلُ الْأَوَّلَ فِي التَّقْسِيمِ لِلْأَوَّلِ فِي الذِّكْرِ، وَالثَّانِي لِلثَّانِي. وَالسُّرَادِقُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَائِطٌ مِنْ نَارٍ مُحِيطٍ بِهِمْ. وَحَكَى أَقْضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ الْبَحْرُ الْمُحِيطُ بِالدُّنْيَا. وَحَكَى الْكَلْبِيُّ: أَنَّهُ عُنُقٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ فَيُحِيطُ بِالْكُفَّارِ. وَقِيلَ: دُخَانٌ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يَطْلُبُوا الْغَوْثَ مِمَّا حَلَّ بِهِمْ مِنَ النَّارِ وَشِدَّةِ إِحْرَاقِهَا وَاشْتِدَادِ عَطَشِهِمْ يُغاثُوا عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ إِغَاثَةً.

وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَكَرُ الزَّيْتِ إِذَا قَرُبَ مِنْهُ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَاءٌ غَلِيظٌ مِثْلُ دَرْدِيِّ الزَّيْتِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ الْقَيْحُ وَالدَّمُ الْأَسْوَدُ. وَعَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ: كُلُّ شَيْءٍ ذَائِبٍ قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ. وَذَكَرَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ أَنَّهُ الصَّدِيدُ. وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ الرَّمَادُ الَّذِي ينفظ إِذَا خَرَجَ مِنَ التَّنُّورِ. وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الْقَطِرَانِ.

ويَشْوِي فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِمَاءٍ أَوْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ وُصِفَ فَحَسُنَ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْهُ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْوُجُوهَ لِكَوْنِهَا عِنْدَ شُرْبِهِمْ يَقْرُبُ حَرُّهَا مِنْ وُجُوهِهِمْ.

وَقِيلَ: عَبَّرَ بِالْوُجُوهِ عَنْ جَمِيعِ أَبْدَانِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَنْضِجُ بِهِ جَمِيعُ جُلُودِهِمْ كَقَوْلِهِ كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ «١» وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ بِئْسَ الشَّرابُ هُوَ أَيِ الْمَاءُ الَّذِي يُغَاثُونَ بِهِ. وَالضَّمِيرُ فِي ساءَتْ عَائِدٌ عَلَى النَّارِ. وَالْمُرْتَفَقُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

الْمَنْزِلُ. وَقَالَ عَطَاءٌ: الْمَقَرُّ. وَقَالَ الْقُتْبِيُّ: الْمَجْلِسُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُجْتَمَعُ، وَأَنْكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنْ يُعْرَفَ لِقَوْلِ مُجَاهِدٍ مَعْنًى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَانَ مجاهدا ذَهَبَ إِلَى مَعْنَى الرَّفَاقَةِ وَمِنْهُ الرُّفْقَةُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْمُتَّكَأُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمُتَّكَأُ عَلَى الْمِرْفَقِ، وَأَخَذَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فَقَالَ: مُتَّكَأٌ مِنَ الْمِرْفَقِ وَهَذَا لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً «٢» وَإِلَّا فَلَا


(١) سورة النساء: ٤/ ٥٦.
(٢) سورة الكهف: ١٨/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>