للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِخْبَارٌ عَنْهُ بِهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ قَدْ كَفَرْتَ بِالَّذِي اسْتَدْرَكَ هُوَ مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي إِقْرَارٌ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ غَيْرَهُ.

وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ فِي رِوَايَةِ وَرْشٍ وَقَالُونُ لَكِنَّ بِتَشْدِيدِ النُّونِ بِغَيْرِ أَلِفٍ فِي الْوَصْلِ وَبِأَلِفٍ فِي الْوَقْفِ وَأَصْلُهُ، وَلَكِنْ أَنَا نَقَلَ حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ إِلَى نُونِ لَكِنِ وَحُذِفَ الْهَمْزَةُ فَالْتَقَى مِثْلَانِ فَأُدْغِمَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ. وَقِيلَ: حُذِفَ الْهَمْزَةُ مِنْ أَنَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فَالْتَقَتْ نُونُ لَكِنِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ مَعَ نُونِ أَنَا فَأُدْغِمَتْ فِيهَا، وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَإِنَّهُ أَثْبَتَ أَلِفَ أَنَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَنَا، وَأَمَّا فِي الْوَصْلِ فَالْمَشْهُورُ حَذْفُهَا وَقَدْ أَبْدَلَهَا أَلِفًا فِي الْوَقْفِ أَبُو عُمَرَ وَفِي رِوَايَةٍ فَوَقَفَ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ ابْنُ خَالَوَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:

وَرَوَى هَارُونُ عَنْ أبي عمر ولكنه هُوَ اللَّهُ رَبِّي بِضَمِيرٍ لَحِقَ لَكِنِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَنَافِعٌ فِي رِوَايَةِ المسيلي وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو بَحْرِيَّةَ وَيَعْقُوبُ فِي رِوَايَةٍ وَأَبُو عُمَرَ وَفِي رِوَايَةِ وَكَرَدْمٌ وَوَرْشٌ فِي رِوَايَةٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ وَقْفًا وَوَصْلًا، أَمَّا فِي الْوَقْفِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْوَصْلِ فَبَنُو تَمِيمٍ يُثْبِتُونَهَا فِيهِ فِي الْكَلَامِ وَغَيْرُهُمْ فِي الِاضْطِرَارِ فَجَاءَ عَلَى لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ. وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ حَذْفُ الْأَلِفِ وَصْلًا وَوَقْفًا وَذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ الْهَاشِمِيِّ، وَدَلَّ إِثْبَاتُهَا فِي الْوَصْلِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ لَكِنِ أَنَا.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَحَسَّنَ ذَلِكَ يَعْنِي إِثْبَاتَ الْأَلِفِ فِي الْوَصْلِ وُقُوعُ الْأَلِفِ عِوَضًا مِنْ حَذْفِ الْهَمْزَةِ انْتَهَى. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قِرَاءَةُ فِرْقَةٍ لَكِنَنَا بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ النُّونَيْنِ. وَقَالَ أَيْضًا الزَّمَخْشَرِيُّ وَنَحْوُهُ يَعْنِي وَنَحْوَ إِدْغَامِ نُونِ لَكِنِ فِي نون أما بَعْدَ حَذْفِ الْهَمْزَةِ قَوْلُ الْقَائِلِ:

وَتَرْمِينَنِي بِالطَّرْفِ أَيْ أَنْتَ مُذْنِبٌ ... وَتَقْلِينَنِي لَكِنَّ إِيَّاكِ لَا أَقْلِي

أَيْ لَكِنْ أَنَا لَا أَقْلِيكِ انْتَهَى. وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا قَالَهُ فِي الْبَيْتِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ لَكِنَّنِي فَحُذِفَ اسْمُ لَكِنَّ وَذَكَرُوا أَنَّ حَذْفَهُ فَصِيحٌ إِذَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَأَنْشَدُوا عَلَى ذَلِكَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

فَلَوْ كُنْتَ ضَبِّيًّا عَرَفْتَ قَرَابَتِي ... وَلَكِنَّ زِنْجِيٌّ عَظِيمُ الْمَشَافِرِ

أَيْ وَلَكِنَّكَ زِنْجِيٌّ، وَأَجَازَ أَبُو عَلِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَكِنْ لَحِقَتْهَا نُونُ الْجَمَاعَةِ الَّتِي فِي خَرَجْنَا وَضَرَبْنَا وَوَقَعَ الْإِدْغَامُ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ ثُمَّ وَحَّدَ فِي رَبِّي عَلَى الْمَعْنَى، وَلَوِ اتَّبَعَ اللَّفْظَ لَقَالَ رَبَّنَا انْتَهَى. وَهُوَ تَأْوِيلٌ بِعِيدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيَتَوَجَّهُ فِي لَكِنَّا أَنْ تَكُونَ الْمَشْهُورَةَ مِنْ أَخَوَاتِ إِنَّ الْمَعْنَى لَكِنَّ قَوْلِي هُوَ اللَّهُ رَبِّي إِلَّا أَنِّي لَا أَعْرِفُ مَنْ يَقْرَأُ بِهَا وَصْلًا وَوَقْفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>