وَقِيلَ: انْقَرَضَ فِي وَقْتِهِ قَرْنَانِ مِنَ النَّاسِ. وَعَنْ وَهْبٍ لِأَنَّهُ مَلَكَ الرُّومَ وَفَارِسَ وَرُوِيَ الرُّومَ وَالتُّرْكَ وَعَنْهُ كَانَتْ صَفِيحَتَا رَأْسِهِ مِنْ نُحَاسٍ. وَقِيلَ: كَانَ لِتَاجِهِ قَرْنَانِ. وَقِيلَ: كَانَ عَلَى رَأْسِهِ مَا يُشْبِهُ الْقَرْنَيْنِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِذَلِكَ لِشَجَاعَتِهِ كَمَا يُسَمَّى الشُّجَاعُ كَبْشًا كَأَنَّهُ يَنْطَحُ أَقْرَانَهُ، وَكَانَ مِنَ الرُّومِ وَلَدٌ عَجُوزٌ لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ غَيْرُهُ انْتَهَى. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي تَسْمِيَتِهِ ذَا الْقَرْنَيْنِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْإِسْكَنْدَرُ. وَقَالَ أبو الريحان البيروتي الْمُنَجِّمُ صَاحِبُ كِتَابِ الْآثَارِ الْبَاقِيَةِ عَنِ الْقُرُونِ الْخَالِيَةِ: هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سُمَيِّ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ إِفْرِيقِسَ الْحِمْيَرِيُّ، بَلَغَ مُلْكُهُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَهُوَ الَّذِي افْتَخَرَ بِهِ أَحَدُ الشُّعَرَاءِ مِنْ حِمْيَرَ حَيْثُ قَالَ:
قَدْ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ قَبْلِيَ مُسْلِمًا ... مَلِكًا عَلَا فِي الْأَرْضِ غَيْرَ مُبَعَّدِ
بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْتَغِي ... أَسْبَابَ مُلْكٍ مِنْ كَرِيمٍ سَيِّدِ
قَالَ أَبُو الرَّيْحَانِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبَ لِأَنَّ الْأَذْوَاءَ كَانُوا مِنَ الْيَمَنِ وَهُمُ الَّذِينَ لَا تَخْلُو أَسْمَاؤُهُمْ مِنْ ذِي كَذِي الْمَنَارِ، وَذِي يَوَاسَ انْتَهَى. وَالشِّعْرُ الَّذِي أَنْشَدَهُ نُسِبَ أَيْضًا إِلَى تُبَّعٍ الْحِمْيَرِيِّ وَهُوَ:
قَدْ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ جَدِّي مُسْلِمًا
وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الضَّحَّاكِ.
وَعَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَيَّاشٌ.
وَعَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ هُوَ الصَّعْبُ بْنُ جَابِرِ بْنِ الْقَلَمَّسِ. وَقِيلَ: مَرْزُبَانُ بْنُ مَرْزَبَةَ الْيُونَانِيُّ مِنْ وَلَدِ يُونَانِ بْنِ يَافِثَ.
وَعَنْ عَلِيٍّ هُوَ مِنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ مِنْ وَلَدِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ.
وَعَنِ الْحَسَنِ: كَانَ بَعْدَ ثَمُودٍ وَكَانَ عُمْرُهُ أَلْفَ سَنَةٍ وَسِتَّمِائَةٍ. وَعَنْ وَهْبٍ: كَانَ فِي الْفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ.
وَالْخِطَابُ فِي عَلَيْكُمْ لِلسَّائِلِينَ إِمَّا الْيَهُودُ وَإِمَّا قُرَيْشٌ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي سَبَقَ فِي السَّائِلِينَ. وَقَوْلُهُ ذِكْراً يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ قُرْآنًا وَأَنْ يُرِيدَ حَدِيثًا وَخَيْرًا، وَالتَّمْكِينُ الَّذِي لَهُ فِي الْأَرْضِ كَوْنُهُ مَلَكَ الدُّنْيَا وَدَانَتْ لَهُ الْمُلُوكُ كُلُّهَا. قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ الْإِسْكَنْدَرُ أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الْمُسَمَّى بِذِي الْقَرْنَيْنِ بَلَغَ مُلْكُهُ إِلَى أَقْصَى الْمَغْرِبِ وَإِلَى أَقْصَى الْمَشْرِقِ وَإِلَى أَقْصَى الشَّمَالِ، بِدَلِيلِ أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قَوْمٌ مِنَ التُّرْكِ يَسْكُنُونَ فِي أَقْصَى الشَّمَالِ، وَهَذَا الَّذِي بَلَغَهُ مُلْكُ هَذَا الرَّجُلِ هُوَ نِهَايَةُ الْمَعْمُورِ مِنَ الْأَرْضِ، وَمِثْلُ هَذَا الْمَلِكِ الْبَسِيطِ لَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَاتِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute